نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “روسيا تعلن "الطوارئ" وتعيد قوات لصد التوغل الأوكراني”
تباينت آراء خبراء بشأن مدى تأثير عملية التوغل العسكرية التي أقدمت عليها القوات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية، وتداعياتها على النظام الروسي، ومستقبل الحرب.
وبدأت أوكرانيا عملية توغل في إقليم كورسك الروسي الحدودي، منذ السادس من أغسطس، حيث تدفق القوات والمدرعات الأوكرانية بعمق وصل في بعض التقديرات إلى 30 كيلومترا داخل روسيا، وهو ما تسبب في حالة من الذعر بين السكان، ودفع بعميلات إخلاء كبيرة.
وأعلن حاكم منطقة كورسك إجلاء 121 ألفا من سكانها، وكشف أن أوكرانيا تسيطر على 28 تجمعا سكنيا في المنطقة الحدودية، وفق فرانس برس.
وأعلن حاكم بيلغورود، المجاورة لكورسك، عن إجلاء أشخاص من منطقة قريبة من الحدود الأوكرانية، ووصف الوضع بأنه “مثير للقلق”، وفق فرانس برس.
وسجل سكان كورسك مقاطع مصورة يكشفون فيها اضطرارهم إلى الفرار من منطقة الحدود، وترك ممتلكاتهم وراءهم، والتوسل إلى بوتين للمساعدة.
وقالت مجلة إيكونوميست إنه “في غضون سبعة أيام، استولى الأوكرانيون على مساحة من الأراضي تعادل تقريبا المساحة التي تمكنت روسيا، بتكاليف باهظة، من انتزاعها منهم منذ بداية العام (1175 كيلومترا مربعا).
آنا بورشفسكايا، محللة الشأن الروسي، قالت لموقع “الحرة” إن التوغل يعكس تغييرا في التكتيكات العسكرية الأوكرانية وكيف تتكيف أوكرانيا مع تغير الظروف، لكن من المبكر معرفة تأثير ذلك على المدى البعيد.
أوليكسي جونشارينكو، عضو البرلمان الأوكراني في كييف، اعتبر أن هذا التوغل “فشلا هائلا” للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة” إنه “لأول مرة منذ 80 عاما، يتم احتلال أراض روسية معترف بها دوليا”.
ويقول عضو البرلمان الأوكراني إن بوتين “يحاول أن يصور نفسه على أنه قائد قوي لكنه ليس كذلك. ويريد أن يصور روسيا على أنها إمبراطورية قوية لكنها فاشلة”.
لكن المحلل الروسي، المقيم في موسكو، فيتشيسلاف موتازروف، اعتبر أن التوغل الأوكراني كان فاشلا، مشيرا في تصريحاته لموقع “الحرة” إلى أن عدد القوات المتوغلة كان محدودا، وكان عمق التوغل 12 كيلومترا فقط وعرضه 40 كيلومترا، وفق ما نقله عن حاكم كورسك خلال اجتماعه مع بوتين.
وقال موتازروف في تصريحات لموقع “الحرة” إن “الهجوم كان فكرة غير مدروسة عسكريا ودبلوماسيا ونفسيا. فقط أحلام لن تتحقق، وسوف يأتي بنتائج معاكسة. القوات الروسية كانت كافية لوقف التقدم. عمق التقدم 12 كيلومترا. هذا لا شيء”.
وأكد الجيش الروسي، الأربعاء، أنه صد هجمات أوكرانية كانت تهدف إلى الدخول أعمق في منطقة كورسك بينما أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن قواته تواصل تقدمها.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن القوات الروسية، مدعومة بالطيران والمسيرات والمدفعية، “أحبطت محاولات مجموعات متنقلة معادية بمركبات مدرعة للدخول في عمق الأراضي الروسية” وألحقت بالأوكرانيين خسائر فادحة.
من جانبه، قال زيلينسكي الأربعاء: “في منطقة كورسك نحقق مزيدا من التقدم. من كيلومتر إلى اثنين في مناطق مختلفة منذ مطلع اليوم. وأكثر من 100 عسكري روسي إضافي أُسروا في نفس الفترة … هذا سيسرع عودة شباننا وشاباتنا إلى الوطن”.
وشدد الرئيس الروسي، الاثنين، على وجوب “طرد” القوات الأوكرانية. وقال، خلال اجتماع عرض التلفزيون الروسي وقائعه إن “المهمة الرئيسية لوزارة الدفاع تكمن من دون شك في طرد العدو من أراضينا”، على حد تعبيره.
واعتبر بوتين أن كييف تسعى إلى تحسين موقفها التفاوضي مستقبلا، واتهمها بـ”تنفيذ إرادة” الدول الغربية، والسعي إلى “زرع الانقسام” داخل المجتمع الروسي.
وتقول إيكونوميست في تحليل إن بوتين شعر بالحرج الشديد، مشيرة إلى ظهوره على شاشة التلفزيون الحكومي وهو يوبخ المسؤولين العسكريين والأمنيين والحكوميين المحليين.
ووجه هذا التقدم ضربة لجهود بوتين الذي أراد تصوير أن الحياة في روسيا لم تتاثر بالحرب إلى حد بعيد، بحسب أسوشيتد برس.
وتقول صحيفة التليغراف البريطانية إن حجم الإعداد والتنفيذ لشن أول غزو لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية قد فاجأ معظم المراقبين. وبالطبع، فإن المراقب الذي فاجأه ذلك أكثر من غيره، والذي سيخسر الكثير، هو فلاديمير بوتين.
وشهدت روسيا توغلات سابقة بأراضيها، خلال الحرب المستمرة منذ نحو عامين ونصف العام، لكن التوغل في كورسك كان بمثابة أكبر هجوم على أراضي روسيا منذ الحرب العالمية الثانية.
وعلى عكس التوغلات الحدودية الأخرى، التي تقوم بها مجموعات موالية لأوكرانيا، فإن هذا الهجوم ألحق ضررا عسكريا حقيقيا ببوتين، وفق التليغراف.
“ومثله مثل جميع الحكام المستبدين، فإن جزءا كبيرا من قوته ينبع من فكرة مفادها أنه الأفضل لتوفير الأمن ومنع الأعداء من دخول البلاد”، لكن استيلاء أوكرانيا على حوالي 1000 كيلومتر مربع من الأراضي الروسية جاء “ليخدش هذه الصورة”.
“ولن يصر بوتين على إجبار قوات كييف على مغادرة كل شبر من الأراضي الروسية فحسب، بل سيطلب أيضا ربما (مع إقالة بعض كبار المسؤولين هنا وهناك)، عدم تكرار مثل هذه الحادثة مرة أخرى.
وقد تكون خسارة الأرض في منطقة الحدود الجنوبية لروسيا محدودة ومؤقتة، في الوقت الحالي على الأقل، ولكن كلما طالت فترة بقاء القوات الأوكرانية هناك، كلما زاد الخطر على الرجل الذي تصور قبل 900 يوم أنه سيكون في كييف في غضون 72 ساعة.
وتتوقع بورشفسكايا أن يسعى بوتين لتشتيت الانتباه عن “فشله في أوكرانيا ربما بالضغط على أماكن أخرى أو التحرك محليا لتصوير الأمر على أنه انتصار للشعب الروسي”.
لكن محلل الشأن الروسي في مجموعة الأزمات الدولية، أوليغ إغناتوف، قال لموقع “الحرة”: “في الوقت الحالي، لا توجد عواقب سياسية محلية على استقرار النظام. لا أرى مثل هذه العواقب بعد. ولكن إذا نمت الأزمة وتوسعت، فيمكننا التكهن بسيناريوهات مختلفة”.
ويرى أن الكرملين يعتقد أن هذه أزمة محلية في جزء محدد من خط المواجهة، ولن تتجاوز حدودها وسيتم حلها عاجلا أم آجلا بدفع القوات الأوكرانية إلى خارج الحدود الروسية.
ريتشارد وايتز، المحلل في معهد هدسون، قال لموقع “الحرة”، إن التجارب السابقة أثبتت أن مثل هذه الأحداث لن تؤثر على سيطرة بوتين، ويتوقع أنه قد يستخدم هذا التوغل لتبرير تشديد سيطرته على الجيش.
ويقول وايتز: “ما يحدث الآن لن يكون له تأثير داخل السياسة الداخلية الروسية، سوى تعزيز سيطرة بوتين، وهو أمر أكثر أهمية من تأثير التوغل على الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا من الغرب”.
ماذا سيفعل؟
تشير التليغراف إلى أن القوات الأوكرانية في توغلها استخدمت تكتيكات الحرب الإلكترونية، حيث استطاعت تجاوز طائرات الاستطلاع الروسية والتدخل في شبكات الاتصالات، وهو ما يعني إمكانية القيام بذلك في أماكن أخرى مستقبلا.
وتشير إلى أن أوكرانيا قد تجبر روسيا على تحويل بعض الأصول العسكرية من أماكن أخرى، وهناك أدلة على سحب وحدات عسكرية روسية من جبهتي، خاركوف وخيرسون، في أوكرانيا لتعزيز الدفاع عن كورسك.
أما كونراد موزيكا، المحلل العسكري في شركة روشان الاستشارية، فقال لإيكونوميست إنه حتى الآن لم تحشد القوات الروسية في أوكرانيا للقيام بذلك، ولايزال هناك القليل من علامات المقاومة الروسية على الأرض، رغم أٍن أوكرانيا أسرت جنودا ومتطوعين، ولم يواجه الأوكرانيون معارضة كبيرة من المدنيين، وتم إجلاء عشرات الآلاف، وفقا لحاكم كورسك، وقد غادر العديد منهم من تلقاء أنفسهم.
وعدم شن روسيا مضاد سريع يحير بعض الضباط الأوكرانيين، وفق إيكونوميست، وبدلا من إعادة نشر القوات من دونباس إلى كورسك، ربما يخطط الكرملين لرد غير متكافئ، مثل إطلاق وابل من الصواريخ على الحي الحكومي في كييف.
وحتى الآن، وفق أسوشيتد برس، لا يواجه بوتين ضغوطا كبيرة من الرأي العام في الداخل، فالروس على علم بالتوغل، ولكن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة تتحدث عن “المقاومة الناجحة المفترضة للقوات الروسية، وعن الوضع الإنساني. وباستثناء عدد قليل من المقالات في مصادر إخبارية مستقلة نسبيا، لم تصل أنباء ما حدث إلى معظم المواطنين الروس.
وتقول أسوشيتد برس إن “المأزق” الذي أمام روسيا الآن هو ما إذا كانت ستسحب قواتها من الخطوط الأمامية في منطقة دونيتسك الأوكرانية، حيث يسعى الكرملين حثيثا لإحداث اختراق في الوقت الحالي للدفاع عن كورسك ووقف التوغل الأوكراني.
في هذا السياق، صرح الرئيس الأميركي، جو بايدن، الثلاثاء، بأن التطورات في روسيا “تخلق معضلة حقيقية” بالنسبة للرئيس الروسي.
وقال معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن التوغل على الأرجح سيغير آليات الحرب.
وأضاف المعهد: “من المرجح أن تظل السلطات الروسية معارضة بشكل كبير لسحب وحدات عسكرية روسية منخرطة في القتال من (دونيتسك) وعلى الأرجح ستستمر في نشر أعداد محدودة من القوات غير النظامية في كورسك.. نتيجة مخاوف من مزيد من تباطؤ في إيقاع العمليات العسكرية في تلك الاتجاهات ذات الأولوية الأكبر”.
أما إغناتوف، المحلل مجموعة الأزمات الدولية، فيعتقد أن “الروس يحركون قوات من مناطق أخرى من روسيا وربما من بعض أجزاء من الجبهة. لكن نطاق وفعالية التدابير المضادة الروسية لاتزال غير معروفة، وقد تحاول أوكرانيا شن هجمات على أجزاء أخرى من الجبهة”.
ويضيف: “ستحاول أوكرانيا زيادة التصعيد لتغيير مسار الحرب، لكن من السابق لأوانه معرفة العواقب، فالعملية الأوكرانية لم تنته بعد، وقد يتم توسيعها من خلال نقل احتياطيات جديدة”.
ويقول وايتز إنه إذا حاول الأوكرانيون: “البقاء هناك فترة طويلة، فمن المحتمل أن يتم تدميرهم، لذا يبدو الأمر وكأنه غارة مؤقتة، ثم سيتعين عليهم الانسحاب”.
المحلل الروسي في موسكو، موتازروف، يرى أن “المعركة ستكون قاسية على أوكرانيا. أغلب المدرعات والدبابات التي توغلت دمرت وبقي جنود دون وسائل نقل”.
ويشير موتازروف إلى ضربة روسية على مركز احتياطات أوكرانية في مقاطعة سومي، في شمال شرق أوكرانيا، كانت تستعد للانتقال إلى كروسك.
ويقول إن موسكو قد تعاقب كييف بشن هجوم كبير على منطقة خاركيف وإعلان انضمامها إلى الأراضي الروسية.
كان الجيش الروسي قد أعلن أنه استخدم لوقف التقدم الأوكراني خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، الضربات الجوية والطائرات المسيرة والمدفعية، إضافة إلى الدفع بقوات احتياطية من مجموعة “الشمال” المنتشرة في منطقة خاركيف.
ويقول موتازروف: “التقدم الروسي مستمر في الجبهات الشمالية والغربية والجنوبية. هناك تقدم ومعارك ضارية. لكن لم تنسحب أي قوات روسية للدفاع عن أراض روسية”.
ويضيف: “توازن القوى في الميدان ليس في صالح أوكرانيا. ولا يمكنها الانتصار على روسيا. هذا ما يشبه ما حدث في عام 2022 عندما تحدث الأوكرانيون عن الهجوم المضاد وفشلوا”.
ويضيف: “لا يوجد أي تعبئة عامة في روسيا. أوكرانيا هي التي أعلنت التعبئة عدة مرات. من يشاركون في الحرب من جانب روسيا متحمسون للمشاركة في جبهات القتال”.
لكن بورشفسكايا تعتقد أن الأوكرانيين أثبتوا في الهجوم المضاد “مرونة في التعلم”، على عكس الروس الذين “لم يظهروا قابلية للتعلم”.
وتعتقد بورشفسكايا أن ما حدث من توغل “تطور مهم للغاية لكن من الصعب التكهن بالتبعات على المدى الطويل”.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.