سوريا.. الأسد يعدّل سن الخدمة العسكرية ويسهّل "الدفع"
أخبار العالم

سوريا.. الأسد يعدّل سن الخدمة العسكرية ويسهّل "الدفع"

نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “سوريا.. الأسد يعدّل سن الخدمة العسكرية ويسهّل "الدفع"”

لم يقتل الصاروخ الذي سقط في ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس قبل أيام 12 طفلا فحسب، بل حفر “جرحا عميقا” وأحدث صدمة كبيرة لدى السكان هناك على مختلف آرائهم وتوجهاتهم، حسبما يقول البعض منهم لموقع “الحرة”.

ويشيرون من جانب آخر، بينهم الناشط السياسي، رفعت عماش والطبيب علي أبو عواد، إلى أن الحادثة كشفت أيضا عن صورة أوضح للتوازنات الخاصة بتلك البقعة الجغرافية، رغم الكثير من التعقيدات التي تحيط بمشهدها.

مجدل شمس التي تقع في سفوح جبل الشيخ الجنوبية هي واحدة من بين 4 بلدات في هضبة الجولان السوري، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب 1967، وضمتها رسميا في عام 1981.

وكانت الإدارة الأميركية، في عهد الرئيس دونالد ترامب، اعترفت، عام 2019، بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.  

ويبلغ عدد سكانها نحو 12 ألف نسمة، وغالبيتهم من الموحدين الدروز، ويضاف إلى هذا الرقم نحو ثمانية آلاف شخص آخر يقيمون في بقية البلدات الواقعة في الجولان، وفقا لإحصائيات رسمية إسرائيلية. وهي عين قينيا، ومسعدة، وبقعاثا.

ويتقاسم الدروز في مرتفعات الجولان هذه المنطقة مع نحو 25 ألف إسرائيلي يهودي، ينتشرون في أكثر من 30 منطقة، بحسب تقرير لشبكة “سي.أن.أن“.

ومنذ بدء حرب إسرائيل في غزة ورغم تعرض المناطق المذكورة لبعض الشرارات القادمة من الأجواء، لم تصل الأمور إلى الحد الذي أسفر عن مقتل 12 طفلا وإصابة العشرات في مجدل شمس، والتي ما تزال تخيّم عليها أجواء الحداد، وفق قول الناشط عماش.

واتهمت إسرائيل “حزب الله” اللبناني بتنفيذ الهجوم، ورغم نفي الأخير لذلك أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، استهداف القيادي البارز فيه فؤاد شكر، بغارة نفذها على الضاحية  الجنوبية للعاصمة بيروت.

لكن وبالنظر إلى المواقف التي خرجت من وسط جموع المشيعين في مجدل شمس الاثنين وبعد ساعات من الهجوم كانت الصورة تذهب باتجاه مختلف، وبعيدا عن التأكيد الإسرائيلي لهوية المنفذ والنفي الذي أصدره “حزب الله” اللبناني.  

شيع السكان في البلدة ونظراءهم في بقية مناطق الجولان الأطفال الـ12 “بكفن أبيض وراية سوداء”، ويقول الناشط عماش لموقع “الحرة” إن “الهجوم وحد الناس رغم الخلافات الحادة ما بين اليمين واليسار وبين المؤيد والمعارض”، والتي يعتبرها طبيعية في أي مجتمع.

ويضيف الطبيب والناشط السياسي، علي أبو عواد: “السكان يتمنون أن يكون دم أطفالهم قربان لتحقيق السلام المنشود لكل أطفال المنطقة”، ويتابع: “من حق المنطقة والشعوب أن تعيش كالبشر. هذا موقفنا في الجولان”.

“حالة استثنائية”

على خلاف أقرانهم من الطائفة الدرزية في المنطقة يعيش سكان الجولان منذ سنوات “حالة استثنائية”، وبينما يصرون على الانتماء لوطنهم الأم والممزق يرفضون في المقابل “الانصهار” ضمن إسرائيل.

هذه الحالة رسمت لهم واقعا صعبا على الورق والأرض و”الهوية”.

وانعكست في جزء، خلال الأيام الماضية، بحالة غضب دفعت مشيعين إلى طرد مسؤولين إسرائيليين، ورفض حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، المراسم.

لا ينظر أهالي الجولان لأنفسهم “كدروز” بل كسوريين يطمحون لحياة حرة في وطنهم كباقي البشر، على حد تعبير الطبيب أبو عواد.

ويقول وهو من المعارضين للنظام السوري: “نحن نعيش الآن على شفرة حادة بين واديين سحيقين”.

الوادي الأول هو النظام السوري الذي في سجله الكثير من الإجرام والقتل والثاني هو “الاحتلال الإسرائيلي المتربص لأي فرصة من أجل تحويل الجولان للأسرلة”، كما يضيف الطبيب.

ويوضح الناشط السياسي عماش أن “الساحة الجولانية مثل أي بيئة في الوطن السوري والأراضي المحتلة”، ويقول: “فيها اليسار واليمين والناس المناضلة والمشبوهة”.

ومع ذلك أحدث الهجوم الأخير “وجعا ومصيبة طالت كل بيت”، وفق الناشط.

ويضيف أن مقتل الأطفال الـ12 كان “أكبر أذية ومصيبة تمر على السوريين الموجودين في البلدات الأربع بالجولان”.

“موقفهم من سوريا وإسرائيل”

كغيرهم من السوريين تنقسم نظرة أبناء الجولان حيال “سوريا الأسد” و”سوريا الثورة”.

ورغم أن الشريحة الموالية للنظام السوري في البلدات الأربع كانت الأكبر بعد عام 2011 تضاءلت تدريجيا، حتى تسيدت النبرة المعارضة المشهد، وفقا لعماش.

وكان الحراك السلمي في السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية قد زاد من النفس المعارض على نحو أكبر، قبل قرابة العام.

ومع ذلك لم يؤثر الانقسام ما بين مؤيد ومعارض على “حالة الانتماء والهوية الوطنية”، وهي القاسم المشترك بين القسم الأكبر من السكان، كما يشير أبو عواد والناشط السياسي عماش.  

ويوضح الاثنان أن رفض “الهوية الإسرائيلية” ما يزال حالة قائمة في الجولان المحتل، رغم وجود بعض الفئات التي خرجت عن ذلك.  

وعام 2022، حصلت منظمة “شومريم” الإسرائيلية غير الربحية على أرقام حكومية رسمية تُظهر ارتفاعا في طلبات الجنسية التي قدمها سكان الجولان الدروز على مدار السنوات الماضية.

وتورد صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن الاتجاه المذكور عزاه الخبراء إلى “أسباب براغماتية” وليس تماهيا مع “الدولة”.  

وفي عام 2021 بلغ عدد الطلبات 239 مقارنة بـ 75 في عام 2017 وأربعة فقط في عام 2010.  

وأظهرت أرقام وزارة الداخلية في عام 2022 أن 4300 عضو من المجتمع يحملون الجنسية الإسرائيلية، أي حوالي 20 بالمئة من إجمالي السكان.

بحسب “تايمز أوف إسرائيل” يتمتع سكان الجولان الدروز اليوم “بفوائد الإقامة الإسرائيلية، مثل الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية، وحرية التنقل داخل إسرائيل.  

لكن الطبيب أبو عواد يوضح أن البطاقة التي يحملونها وكأنها “غير معروفة المصدر”.

ويقول: “غالبية الناس ما زالوا يحملونها”، بينما “هناك فئة قليلة يتم الضغط عليهم تحت ظروف الحياة والسفر والتعليم لكي يقبلوا بالجواز الإسرائيلي”.

كما يضيف الطبيب: “ما زلنا وفقا للقانون الدولي مواطنين عرب سوريين في منطقة محتلة”، و”لم نغيّر جلدنا” على حد تعبيره.

وبدوره يشير الناشط عماش إلى أن “البطاقة التي يحملها غالبية أبناء الجولان تشابه الهوية الخاصة بفلسطينيي القدس الشرقية”.  

ويتحدث عن “وجود حالات حصلت على الجنسية الإسرائيلية”.

كيف تنظر إليهم إسرائيل؟

ومنذ ساعة الهجوم يوم الأحد الفائت اعتبر المسؤولون الإسرائيليون الضحايا الأطفال في مجدل شمس “مواطنين إسرائيليين”، وسرعان ما هددوا بالرد على “حزب الله”.  

ويقول المحلل الإسرائيلي، يوآف شتيرن لموقع “الحرة” إن “إسرائيل ترى سكان الجولان جزء منها، سواء كانوا يحملون إقامة أو جنسية”.

وبينما يرى أن “الصراع والخلاف في قرى الجولان والمجتمع الدرزي أمر طبيعي” يشير إلى فئات متمسكة بالانتماء لسوريا وأخرى “براغماتية وفعلية وتريد التمتع بالإمكانيات المتواجدة في إسرائيل”.

كما يضيف شتيرن أن “وفي الداخل الإسرائيلي لا يوجد تفريق بين السكان”، وأن “التباين في الآلاء أمر طبيعي”.

لكن وبالنسبة للطبيب والناشط أبو عواد يختلف المشهد عما سبق.  

ويعتبر أن السلطات في إسرائيل “قرأت مؤخرا حالة الإهمال من النظام السوري والمجازر التي ارتكبها في سوريا على أنها فرصة للاتجاه نحو الأسرلة”.

ويقول إن “الجولان لن يخرج عن جلده وأن محاولة مسؤوليه قبل أيام يتم توظيفها بأحد أمرين: “دفع الناس باتجاه حمل السلاح (سلاح العدو المرفوض) أو كسب شرعية من الجولان”.

وبدوره يضيف الناشط عماش أن “النسبة الغالبة في الشارع الجولاني ضد البطش وضد كل الظلم والإجرام سواء من النظام السوري وحزب الله وإسرائيل”.

ويشير خلال حديثه إلى حالة “حيادية” لم تتغير على مدى السنوات الماضية، سواء اتجاه إسرائيل أو بقية الأطراف المعادية لها.

“محطات شائكة”

رغم بعض “الامتيازات” الخاصة بحاملي “الإقامة الإسرائيلية” في الجولان المحتل، فإنهم محرومون من عدة مجالات حياتية، ويواجهون تحديات كبيرة.

ومن بين تلك التحديات الصعوبات في الحصول على تصاريح البناء، والحفاظ على العلاقات مع عائلاتهم عبر الحدود، والسفر إلى الخارج بالنسبة لأولئك الذين لا يحملون جوازات سفر إسرائيلية.

وكان مشروع توربينات الرياح في الجولان قد أثار مظاهرات حاشدة من قبل السكان في صيف 2023، حيث رأوا فيه تهديدا لطريقة حياتهم الزراعية، وتعديا على الأراضي الأجدادية التي يشعرون تجاهها برابطة مقدسة تقريبا.

وفي نهاية المطاف تم تعليق المشروع، وكان أحدث حلقة في تاريخ العلاقات المتوترة بين إسرائيل والأقلية الدرزية في الجولان، والتي وصلت إلى حد الاشتباكات المتكررة مع الشرطة.

ويعتبر الطبيب أبو عواد أن ما حصل في غزة “دفع الدماء عن الجولان”.

وأوضح حديثه بالقول إن “وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير كان يهدد بالعودة إلى الجولان من أجل تنفيذ مشروع التوربينات مجددا. لكن الحرب في غزة اندلعت وتغيّر كل شيء”.

ويشير أبو عواد إلى ممارسات إسرائيلية أخرى، سبق وأن اتبعتها وأكدت عليها حكومة نتنياهو.

وكان أبرزها “قانون الدولة القومية”، الذي صدر في 2018، وألمح إلى أن الأولوية هي للطابع اليهودي للبلاد، وأن إسرائيل هي الوطن التاريخي لليهود ويمنحهم الحق “الحصري” لتقرير المصير فيها.  

وفي العام الماضي، أطلق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن خطة إسرائيل لمضاعفة عدد المستوطنين في الجولان بحلول عام 2027.

وقالت اللجنة التابعة للأمم المتحدة إن “توسع المستوطنات الإسرائيلية وأنشطتها على مر السنين أدى إلى الحد من وصول المزارعين السوريين إلى المياه، بسبب السياسات التمييزية المتعلقة بالأسعار والرسوم”.

وما تزال هذه الممارسات الشائكة تضرب على الوتر الحساس لدى الكثير من أبناء البلدات الأربع في الجولان.

ورغم أنها خيمّت على مدى السنوات الماضية على بقية أبناء المجتمع الدرزي في إسرائيل، لم تكن بذات الصدى في الشمال: عبر جبل الكرمل والجليل.

ومع ذلك يشير الناشط والطبيب أبو عواد إلى أن “حكومة نتنياهو تدفع أبناء الطائفة في الشمال إلى الدم مجبرين ومكرهين، وكذلك الأمر بالنسبة للشركس”.

ويقول إن وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل أيام إلى الجولان كان بغرض “استثماري”، كما يشير إلى حالة متناقضة.

وفي حين لم يزر نتانياهو ووزير دفاعه مستوطنة دير عوز التي تعرض لقصف بعد السابع من أكتوبر وقتل فيها جنود وأسرى “جاؤوا راكضين إلى الجولان وواضعين حطّة درزية على أكتافهم”، على حد تعبير الطبيب المقيم في مجدل شمس.

وقبل تنفيذ إسرائيل لضربتها في بيروت رفضت قيادات دينية ومحلية درزية في الجولان السوري إراقة “قطرة دم واحدة”.

وقالت “الهيئة الدينية والزمنية في الجولان السوري ” في بيان: “نرفض أن تُراق قطرة دم واحدة تحت مُسمى الانتقام لأطفالنا، فالتاريخ يشهد لنا بأننا كنا وما زلنا دُعاة سلام ووئام بين الشعوب والأُمم حيث تُحرم عقيدتنا القتل والانتقام بأي صفة أو هدف”.

وشددت على أن “التصريحات الخارجة عن الإجماع الجولاني سواء كانت من داخل الجولان أو خارجه لا تمثل إلا صاحبها”. 



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading