يختلف خبراء القانون في تعريف المناطق التي تخصص خلال الحروب لتوفير الحد الأدنى من الأمن للمدنيين والتي غالبا ما تفشل في تحقيق هذا الهدف، كما هي الحال حاليا في قطاع غزة.
ويطلق بعض الخبراء على هذه المناطق اسم مناطق عازلة أو ممرات آمنة أو مناطق حظر الطيران، وهي مساحات يتم إنشاؤها لأهداف سياسية على الأرجح وليست إنسانية.
وخلال كثير من الحروب كانت هذه المناطق مثار جدل، بسبب الهدف الذي أنشئت من أجله وأيضا بالنظر إلى فشلها شبه الدائم في توفير الأمان للفئات المعنية.
ووفقا لأستاذ السياسة الدولية ستيفانو ريكيا، فإن المناطق الآمنة التي تنشئها الدول القوية كثيرا ما تفاقم معاناة المدنيين الضعفاء على المدى المتوسط، بل إنها قد تكون سببا في إطالة أمد الصراعات العرقية وتصعيد وتيرتها، وهو رأي يدعمه تاريخ تلك المناطق التي لم تكن يوما بعيدة عن النزاع.
ولم يرد مصطلح المناطق الآمنة في اتفاقية جنيف لعام 1949، بل وردت أسماء أخرى مثل مواقع استشفاء ومناطق محايدة ومناطق منزوعة السلاح وهي مبان أو مناطق صغيرة يفترض أن تكون آمنة للمدنيين من أي اعتداءات.
تجارب فاشلة
وقد بدأت معالم المصطلح تتكشف على المواقع التي أقامتها الأمم المتحدة في جمهورية البوسنة والهرسك عام 1993، حين أعلنت المنظمة 6 مناطق آمنة تحرسها قوات حفظ السلام، وكان الهدف منها حظر أي نشاطات عسكرية في داخلها أو حولها وضمان توزيع المساعدات الإنسانية، لكن هذه القرارات والوسائل العسكرية لم تنجح في إجبار أطراف النزاع على احترام هذه المناطق.
وتجلّى فشل هذه المناطق في حماية المدنيين خلال 3 حروب أولها تلك التي رسمها الفرنسيون لحماية المدنيين المهجرين في رواندا عام 1994، ثم عندما سيطر جيش صرب البوسنة على مدينة سربرنيتشا عام 1995، وبعدها في سريلانكا عام 2009.
وخلال هذه الحروب، لم يكن الموت وحدة يتربص بالمدنيين في المناطق الآمنة ولكن أيضا نقص الدواء والغذاء والماء والمأوى الذي لم يقهم برد الشتاء ولا حر الصيف.
وحاليا، تفشل المناطق الآمنة في حماية المدنيين العزّل بقطاع غزة. وقد تساءل المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) فيليب لازاريني -فور إعلان إسرائيل أول منطقة آمنة بالقطاع- عن إمكانية توفير الأمن في مناطق حددها طرف واحد من طرفي النزاع.
وجاء تعليق لازاريني، بعدما نشر الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي -خلال الشهر الأول للحرب- خريطة توضح مسار طريق آمن يسلكه سكان مدينة غزة إلى الجنوب عبر شارع صلاح الدين.
وفي هذا الطريق، استهدفت قوات الاحتلال 3 قوافل للمواطنين في مواقع مختلفة على شارعي صلاح الدين والرشيد، مما أدى لاستشهاد أكثر من 70 مدنيا جلهم من الأطفال والنساء وأصيب أكثر من 200 آخرين.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، طلبت إسرائيل من السكان الذهاب إلى منطقة المواصي جنوب شرق وادي غزة. لكن تحليلا لصور الأقمار الصناعية أجراه خبيرا الاستشعار عن بعد كور يشير وجامون فان دان هوك، أكد تضرر 20% من المباني في جنوب الوادي حتى الـ11 من الشهر نفسه، بما في ذلك خان يونس ورفح جنوبا.
الهروب إلى رفح ثم الهروب منها
وعندما شنت قوات الاحتلال عمليتها البرية في المناطق الشمالية للقطاع، فرّ نحو مليون إنسان إلى مدينة رفح الجنوبية هربا من الموت، لكن إسرائيل شنّت هجوما بريا على المدينة في مايو/أيار الماضي، مما أجبر أكثر من 800 ألف مدني على الهروب بحثا عن الأمان.
وبعد أيام من العملية، ارتكبت قوات الاحتلال محرقة في مخيم حديث للنازحين أنشئ قرب مخازن وكالة أونروا ضمن المناطق التي حددتها إسرائيل على أنها مناطق آمنة.
وعلى مدى عقود طويلة، كانت الأطراف المتحاربة تخشى استهداف المناطق التي توجَد فيها فرق الصليب الأحمر، وقد وصل الأمر إلى حد الحذر خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وهو أمر لا تلتزم به دول الشرق الأوسط وما يسمّى بالعالم الثالث، رغم وجود القوانين والمحاكم التي لم تكن موجودة في السابق.
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.