ساعات معدودة، ويعلن صندوق النقد الدولى عن بدء تطبيق قرض الثمانية مليارات دولار للحكومة المصرية، بعد أن وافق المجلس التنفيذى على القرض بشرط تطبيق روشتة ومطالب الصندوق، وفى مقدمتها تحرير سعر الصرف، وعدم الرجوع مرة أخرى لتثبيت سعر الجنيه أمام العملة الأمريكية، بالإضافة إلى استكمال برنامج بيع الاصول، وإعادة هيكلة الاقتصاد.
هذه الموافقة المشروطة، وإن كانت ستحل أزمة الاقتصاد المصرى مؤقتا، إلا أنها تعد سيفا حادا على رقبة الحكومة، وتشكل تحديا كبيرا لدولة أنهكتها القروض والديون وأعباء التنمية، ولا يرحمها حفنة تستفيد من كل أزماتها الاقتصادية على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة والمعدمة.
ومع أن رئيس الوزراء اجتمع مع قادة الغرف التجارية واتحاد الصناعات والذين يمثلون التجار وأصحاب المصانع والمنتجين، بهدف الضغط لخفض الأسعار إلا أن اللعب فى الواقع أكبر من أى مبادرة ومن كل محاولات رئيس الوزراء.
فرغم كل هذه الجهود ورغم تحرير سعر الصرف وانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه خلال الأيام الماضية، لم يشعر المصريون بأى انخفاض كبير وملحوظ فى الأسعار، وكل ما حدث هبوط أسعار بعض السلع الأساسية بنسبة ضئيلة جدا تتراوح ما بين جنيهين إلى خمسة جنيهات فيما بقيت السلع الكهربائية والالكترونية كما هى؟!
وعبثا يحاول جاهدا الدكتور مصطفى مدبولى إقناع المصريين بأن هناك انفراجة قادمة فى الاسعار تصل إلى 20%، بعد إخراج بضائع محجوزة بالموانئ تقدر قيمتها بنحو خمسة مليارات دولار واستلام بضائع أخرى جديدة بقيمة 2 مليار و800 مليون دولار.
الكارثة، أن هذه الاجراءات رافقها تحرك ملحوظ فى سعر الدولار أمام الجنيه فى السوق السوداء، رغم توفره فى البنوك بسعر أقل، وهو ما يؤكد وجود يد خفية تلعب فى ظهر الاقتصاد تنذر بالعودة مرة أخرى إلى قفزات الشهور الأخيرة التى تجاوز فيها «الأخضر» حاجز السبعين جنيها.
هذه اليد الخفية هى من دفعت بعض كبار التجار المسيطرين على السوق إلى رفض استلام بضائع من المنافذ قيمتها تقترب من مليارى دولار، طمعا فى انخفاض سعر الدولار خلال الأيام القادمة بعد وصول مليارات صندوق النقد، قبل أن تعود للارتفاع مرة أخرى إذا ما حدث تحريك جديد لسعر العملة أو ازدادت أسعار السلع الاساسية والاستراتيجية عالميا.
فإلى متى يبقى نحو 105 ملايين مصرى رهينة تجار مستغلين، وحكومة لم تقتنع بعد بان أزمات اقتصاد أى دولة لا تحل بالقروض، وإنما بالعمل والانتاج والتصدير والقضاء على البطالة وتشغيل المصانع المتعثرة، وجذب المستثمرين بالتحفيز والتشجيع وتبسيط وتسهيل الاجراءات.
ففى الامارات يمكن لأى مستثمر أن ينشئ مشروعا ويحصل على كافة رخص تشغيله وانطلاقه فى شهر واحد إن لم يكن أقل، على عكس ما يحدث فى مصر «يدوخ» المستثمر الوطنى قبل الأجنبى السبع دوخات.
فإذا كان لدينا اليوم أكثر من خمسين مليار دولار من جهات ومنظمات تمويل دولية مختلفة، ماذا نحن فاعلون غدا إذا ما نفذت هذه المليارات وذهبت إلى حال سبيلها؟ وماذا نحن فاعلون إذا ما استيقظنا صباح يوم ووجدنا أكثر من نصف أصولنا الاقتصادية تم الاستحواذ عليها من شركات أجنبية ودول خارجية؟ وماذا نحن فاعلون وسعر الدولار آخذ فى الصعود داخل البنوك الرسمية مقتربا من الخمسين جنيها فى السوق السوداء لاول مرة منذ التحريك الأخير لسعر الصرف؟
حكومتنا الرشيدة.. احذرى قفزات الدولار، «ليست كل مرة تسلم الجرة»، فإن فلتت الورقة الخضراء مرة أخرى، لن يكون للجنية قائمة «وستعود ريما لعادتها القديمة وكأنك يا ابو زيد ما غزيت» وعلى الشعب المصرى السلام.
[email protected]
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.