عاصمة ولاية سنار جنوب شرقي السودان، وفيها يوجد مقر حكومة الولاية وكل الوزارات. استوطنها الإنسان قبل أكثر من 160 ألف سنة، أي خلال العصر الحجري الحديث، وفق ما كشفته دراسة بقايا جمجمة عثر عليها صدفة في بداية القرن الـ20، وهي محفوظة حاليا في أحد متاحف لندن.
كانت قرية صغيرة على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وأصبحت مع توالي الهجرات إليها عبر الحقب التاريخية حاضرة مهمة شكلت جزءا من تاريخ السودان الحديث.
يفصلها النيل الأزرق إلى شطرين، وجعلتها مياهه جنة على الأرض، حيث تنتشر فيها الأشجار المثمرة بوفرة مثل أشجار الموز والجوافة والمانغو، كما تتوفر على ثروة غابوية وحيوانية مهمة.
الموقع
تقع على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، وترتفع 439 مترا فوق سطح البحر، تبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 360 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سنار بحوالي 60 كيلومترا.
تبلغ مساحتها 750 كيلومترا مربعا، تحدها من الناحية الجنوبية قرية أم بنين ومحلية أبو حجار الجديدة، ومن الناحية الشمالية محلية سنار ومن جهة الغرب محلية الدالي والمزموم، ومن الشرق مجرى النيل الأزرق.
أصل التسمية
يرجح أن اسم المدينة مشتق من كلمة “السنج” (مفردها سنجة) وهو نبات ينتشر في هذه المدينة بكثرة، ويقال إن مرادف هذه الكلمة في اللغة العربية هو المروج والمراعي الخضراء المنبسطة.
ويفترض البعض أن الاسم مشتق من لفظة “السونكي”، ومعناها النصل أو السكين الذي كان يثبت على فوهة البندقية في الماضي، في حين ترجح روايات أخرى أن الكلمة مشتقة من لفظة “صنجة” وهي إحدى أدوات موازين الذهب قديما.
يطلق على المدينة أيضا “سنجة عبد الله” في إشارة إلى عبد الله ود الحسن، زعيم قبيلة “لكنانة”، وهي من أهم القبائل المستوطنة في المدينة، وكان أحد أمراء الثورة المهدية.
التاريخ
تصنف سنجة ضمن المدن القديمة التي استوطنها البشر، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن إنسان سنجة الأول عاش في العصر الحجري البلستوسيني، أي قبل أكثر من 160 ألف سنة.
وكانت الصدفة قد قادت الحاكم الإنجليزي لمقاطعة شمال الفونج، والذي كان يقيم في مدينة سنجة، إلى اكتشاف مقبرة سنة 1924 بينما كان يتنزه على شاطئ النيل، وعثر بداخلها على بقايا جمجمة متحجرة.
أرسل الحاكم تلك البقايا إلى لندن لتحليلها ودراستها ليتبين أن الأمر يتعلق بجمجمة إنسان عاش في المنطقة في الفترة التي تعرف علميا بالعصر الحجري الحديث، ولا تزال تلك الجمجمة محفوظة في المتحف البريطاني بلندن.
بدأت المدينة قرية صغيرة على الضفة الغربية للنيل الأزرق واستقبلت هجرات سكانية مختلفة عبر حقب تاريخية طويلة، قبل أن تصبح حاضرة مهمة.
وكانت إحدى حواضر مملكة الفونج أو مملكة سنار، أشهر الممالك الإسلامية في أفريقيا والسودان وأول سلطة سياسية مسلمة نشأت في سودان وادي النيل خلال القرن الـ16 الميلادي، وامتد حكم الفونج في بلاد السودان لأكثر من 3 قرون صارت خلالها مركزا مهما للإشعاع الثقافي والإسلامي في أفريقيا.
وتعرضت المدينة عام 1934 لحريق مهول أتى على كل بيوتها التي كانت عبارة عن أكواخ مبنية من القش ومتلاصقة مع بعضها البعض، إذ انطلق الحريق من جوار ضريح الشيخ ود عابدين وانتقل إلى باقي المساكن وساهمت الرياح في انتشاره بسرعة فتحولت المدينة إلى رماد.
وبنيت المدينة من جديد وفق مخطط عمراني حديث بشوارع واسعة ومنازل مبنية من الطوب الأحمر وميادين واسعة، وتم تخطيط الأحياء الأولى التي تعرف الآن بالشمالي والشرقي والغربي والجنوبي، أما السكان غير القادرين على البناء بالطوب فنقلوا إلى جنوب المدينة، حيث منحت لهم قطع سميت بسكن الأهالي. وأطلق على كل حي اسم القبيلة التي تسكنه.
السكان
يبلغ عدد سكان محافظة سنجة 316 ألف نسمة يمثلون 27% من سكان ولاية سنار. وتتميز التركيبة السكانية للمدينة بالتنوع، وتتعايش فيها عدة قبائل مثل كنانة -وهي أولى القبائل التي استقرت فيها- والتعايشة والفونج والنوبة والجعليين والمعاليا والرزيقات وغيرهم.
ويقول أهل سنجة إن في مدينتهم رحما مع كل أجناس السودان، حيث تصاهرت هذه القبائل فيما بينها وانصهرت وقدمت نموذجا إيجابيا في التعايش السلمي.
أضرحة المدينة
اشتهرت سنجة بالطرق الصوفية والأضرحة التي كان لها دور مهم في نشر وتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين وإحياء ليالي الذكر والمديح النبوي، خاصة في المناسبات الدينية.
ويتناقل الأهالي أساطير وحكايات عن شيوخ الصوفية في المدينة الذين كانت لهم أدوار دينية وتعليمية إلى جانب مساهمتهم المهمة في مقاومة الاحتلال، وتحولت قبورهم إلى مزارات وفضاءات لتحفيظ القرآن والعلوم الشرعية. ومن أبرز هذه الأضرحة:
- ضريح الشيخ ود عابدين: وتوفي حسب الشاهد الموجود على قبره سنة 1106 هجرية، يوجد على أطراف غابة مدينة سنجة ويتداول الأهالي حكايات شفوية عن شجاعة وجسارة الشيخ ود عابدين في مواجهة الجيش التركي أيام حكم السودان وقضى على مملكة سنار، التي كان الشيخ أحد علمائها ورجالاتها الأقوياء.
- ضريح الشيخ محمد ود حامد عبد الله: وهو ابن أخ الإمام المهدي مفجر الثورة المهدية في السودان، ويعد الشيخ محمد من رموز المقاومة في السودان، إذ شارك في صباه في معارك ضد المستعمر البريطاني وتم أسره ونفيه وتحديد إقامته في مدينة سنجة، وخلال إقامته فيها التف حوله الأهالي لما عرف عنه من الصلاح والكرم وما امتلك من علم شرعي. قاد انتفاضة ضد الحاكم الإنجليزي إثر خلاف حول حقوق القبيلة في استخدام موارد الماء، وانتهت بأسره وإعدامه عام 1919، وتحول مكان دفنه إلى ضريح ومزار ديني.
المؤهلات الاقتصادية
تعرف المدينة بتنوع النشاط الزراعي وبثرواتها الحيوانية ومواردها المائية، تضم 5 ملايين فدان تعتمد في زراعتها على التساقطات المطرية، وحوالي 400 ألف فدان من الأراضي المروية بمياه النيل، وتزرع فيها أنواع متعددة من الفواكه أبرزها المانغو والليمون والموز والجوافة، وتوجد فيها أكبر محطة لتصدير الفواكه.
تقدر ثروتها بنحو 12 مليون رأس من الماشية، وتتوفر على ثروة غابوية مهمة، ومن أبرز غاباتها غابة القعرة وغابة العزازة اللتين تنتشر فيهما أشجار الطلح والهشاب (الشجر الذي ينتج الصمغ العربي) وهو ما جعلها معروفة بصناعة الأثاث المنزلي.
وجعلها موقعها الجغرافي نقطة وصل بين عدة ولايات ومدن، حيث يمر بها الطريق البري الذي يربط جنوب ولاية النيل الأزرق بالعاصمة الخرطوم. كذلك يوجد بها طريق بري يصل إلى بورتسودان.
تتوفر المدينة على سكة حديدية تربطها بباقي المناطق السودانية، وتمر عبر جسرها، الذي يربط بين ضفتي النيل الأزرق، الشاحنات القادمة من الولايات ومن دولة إثيوبيا المجاورة والمتجهة إلى ميناء السودان الرئيسي بورتسودان.
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.