واجه كثير من مرضى الفشل الكلوي بالسودان حكما بالموت البطيء ترتفع احتمالاته كل يوم نتيجة استمرار المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، وسط انعدام مقومات العلاج.
وأظهرت مشاهد مرئية خاصة حصلت عليها شبكة الجزيرة، حجم ومعاناة المرضى في مركز بورتسودان لغسيل الكلى في ولاية البحر الأحمر، حيث يكتظ المركز بعدد كبير من المرضى الذين لا يحصلون على جلسات غسيل كافية نتيجة ارتفاع عدد الحالات المصابة، والتي تُوزع على عدد الأجهزة المحدودة في ظل شح وانعدام المستلزمات الطبية الضرورية.
تحدثت معنا الطفلة شيرين بصوت متعب أثناء عملية الغسيل الكلوي لها؛ عن رحلة نزوحها الصعبة للوصول إلى مركز بورتسودان لإجراء جلسة غسيل الكلى، قائلة: “أسعار الأدوية هنا غالية جدا لا نستطيع شراءها”.
أما محمد الحسن يوسف المريض بالفشل الكلوي ويرأس جمعية مرضى الكلى ببورتسودان، فتحدث للجزيرة عن ارتفاع عدد الحالات القادمة إلى المركز، بسبب عمليات النزوح من الولايات التي تشهد مواجهات عسكرية، مما أدى إلى تقليص عدد جلسات غسيل الكلى للكثير منهم.
وقال يوسف وهو يجري عملية الغسيل إنه يقوم بثلاث جلسات غسيل للكلى في الأسبوع، ولكن مع ارتفاع عدد المرضى قُلصت إلى جلستين، وهو ما تسبب بمضاعفات مرضية للبعض بسبب ارتفاع نسبة السموم في الجسم، والتي أثرت في الكثير وأدت إلى وفاة البعض منهم.
انعدام مراكز الغسل للأطفال
وأضاف محمد الحسن يوسف: “نحن نعاني في المركز من عدم وجود قسم متخصص للأطفال المصابين في ظل تزايد أعدادهم، وهو ما يتطلب توفير كوادر متخصصة ومؤهلة لتقديم الرعاية الطبية لهم”.
وفي شهر مارس من العام الجاري، أعلن وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم أن حجم الدمار والتخريب في القطاع الصحي بلغ ما يقارب 11 مليار دولار، وأن الحرب أدت إلى تدمير مستشفيات بالكامل.
وفي ظل الحاجة العاجلة لدعم مراكز غسيل الفشل الكلوي في السودان، قالت وزارة الصحة الاتحادية في بيان لها نشرته في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي، إن عدد مرضى الفشل الكلوي نحو 8 الآف مريض، جميعهم يتلقون العلاج في المراكز الموزعة على الولايات السودانية.
الحرب تفاقم معاناتهم
تتزايد معاناة مرضى الفشل الكلوي في السودان بفعل الحرب المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مما تسببت بتردي أوضاعهم الصحية، وتقول مدير مركز بورتسودان لأمراض وجراحة الكلى داليا الطاهر عمر، في حديث خاص مع الجزيرة: إن المركز يعاني من مشكلات تختلف عن الولايات الأخرى، أهمها مشكلة الكهرباء التي تشهد انقطاعات مستمرة تمتد لعدة ساعات.
وأوضحت أن المركز يفتقر للمولدات الكهربائية وللوقود لمعالجة مشاكل الانقطاعات وضمان استقرار التيار الكهربائي واستمرار جلسات غسيل الكلى، ووجهت شكرها لكل القطاعات والشركات العاملة في مجال النفط التي دعمت المركز بالوقود لمدة شهر كامل.
استهلاك ماكينات الغسيل
وكشفت مديرة مركز بورتسودان الدكتورة داليا الطاهر أن ماكينات الغسيل الكلوي كثيرا ما تعاني من أعطال بسبب استخدامها في ورديات متعددة يوميا لاستيعاب احتياجات الغسيل، وهو ما تسبب بتوقف البعض منها. ونظرا لإغلاق معظم الشركات المتخصصة في صيانة الأجهزة الطبية، تحتاج إلى وقت أطول من أجل صيانتها.
وكشفت داليا أن المركز “يعاني أيضا من مشاكل أخرى منها المياه، خاصة وأن ولاية البحر الأحمر تعاني من مشكلات المياه في الصيف، ولهذا نحتاج إلى أكثر من 50 طنا من المياه يوميا”، في حين يستقبل المركز أعدادا كبيرة من المرضى النازحين.
وعود وهمية وقطاع متهالك
من جهتها أشارت المديرة العامة بوزارة الصحة في ولاية البحر الأحمر أحلام عبد الرسول، إلى أنه رغم التحديات يعملون على زيادة عدد ماكينات الغسيل لتقديم الرعاية الطبية للأعداد المتزايدة من المرضى القادمين من كافة ولايات السودان.
وأضافت أن المركز يحتوي على 27 ماكينة غسيل جميعها بجودة متوسطة، وتعمل على أربع ورديات يوميا، ما تسبب بضغط كبير على هذه الأجهزة، وكشفت أن الضغط تسبب بتقليل كفاءة أداء هذا الماكينات في جلسات الغسيل للمرضى.
وأشارت أحلام في حديث مع الجزيرة إلى أنه في الكثير من الأوقات يضطر العاملون في المركز من المتخصصين والممرضين إلى تفعيل جلسات غسيل طارئة في نظام الوردية الخامسة بسبب ارتفاع عدد المرضى القادمين للمركز.
ولفتت إلى وعود من قبل جهات خارجية بإرسال عدد من ماكينات غسيل الكلى، والتي لم تُسلم لهم حتى اللحظة، وهنالك مركز في منطقة سنكات خارج بورتسودان يعمل بطاقة جيدة، ويوجد به 4 ماكينات للغسيل تستقبل المرضى الوافدين لتلك المناطق.
وفي يونيو/حزيران الماضي، اتهمت وزارة الصحة الاتحادية قوات الدعم السريع بقصف مركز غسيل الكلى بالفاشر، معتبرة أن استهداف المركز بمثابة حكم بالإعدام على أكثر من 50 من مرضى الكلى بالفاشر، وأنه خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية.
وأعلن وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، عن تضرر القطاع الصحي بالبلاد بشكل كبير نتيجة استمرار الحرب وامتدادها في أكثر من ولاية، مما تسبب بمضاعفة المخاطر على أصحاب الأمراض المزمنة.
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.