اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:
نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “عائلات أميركية قادت الإمبراطورية وأمسكت بخيوط اللعبة”
في 18 يوليو/تموز 2024، وقفت “كاي ماديسون ترامب”، البالغة من العمر 17 عاما، على منصة المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري تتحدث عن جدها دونالد ترامب. كان المؤتمر أول ظهور له بعد محاولة اغتياله بـ 5 أيام فقط، وكان من المتوقع أن يجري إعلانه مرشحا رسميا عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومع صعود موجة التعاطف مع ترامب، ظهرت “كاي” وهي تتحدث عنه بوصفه جَدا “يعطيها الحلوى دون علم والديها، ويسأل عن أحوالها في الدراسة، ويتباهى بها أمام أصدقائه”. من البريء أن تطلق “كاي” على ترامب لقب “الجد”، لكن ليس من البريء ظهورها في الحملة الرئاسية لمرشح جمهوري يحاول جاهدا العودة إلى البيت الأبيض، مستندا بشكل رئيسي في حملته الانتخابية على الترويج للحفاظ على قيم الأسرة التي باتت “مهددة من قبل الديمقراطيين”.
خطاب واحد استمر 3 دقائق صعد بحسابات “كاي” على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ملايين المتابعين، وصعّدت هي معه حملتها لدعم جدها ترامب. لم يكن ثمة شيء آخر يمكن أن يمنح ترامب هدية تصعد بحظوظه الانتخابية كما فعلت حفيدته.
وفي السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، نشرت “كاي” صورة على منصة “إكس” وأرفقت عليها عبارة “الفريق مكتملا”. كانت الصورة لعائلة “ترامب” وتضم أبناءه وأحفاده وأصهاره، ورجل الأعمال الشهير إيلون ماسك. فالفريق إذن يعني فريق الحملة الانتخابية “العائلي”، باستثناء ماسك، صديق العائلة كما يبدو.
ويظهر في الصورة “بارون ترامب”، وهو ابن دونالد ترامب ذو الثمانية عشر عاما، والذي برغم صمته غالبا وملامحه الغامضة وحركاته غير المألوفة التي تلتقطها الكاميرات، كان له هو الآخر دور بارز في تصدير أبيه للناخبين الجدد عبر برامج البودكاست.
لم يتمكن ترامب من الاعتماد على ابنه وحفيدته في انتخابات 2016، لأنهما بالكاد بلغا وقتها العاشرة من عمرهما، لكنه عوضا عنهما استعان بابنته “إيفانكا” وزوجها “جاريد كوشنر” في حملته الانتخابية، ولاحقا في إدارة البيت الأبيض وبعض الملفات الدولية.
إذن، لا يستعين ترامب بالأصدقاء والخبراء فحسب، بل يوظف كل من استطاع من العائلة لخدمة أجندته، ولكن ماذا بعد؟ هل سيختفي هؤلاء بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض؟ هل يتجاوزون الأضواء التي كانوا تحتها والكواليس التي حضروها ويواصلون حياتهم بعيدا عن السياسة؟!
لا غريب إن كانت الإجابة عن السؤال هي: “لا”، فما يبنيه ترامب الآن ليس مجدا شخصيا فحسب، بل علامة تجارية لعائلة سياسية من بين عشرات العائلات السياسية الأخرى في الولايات المتحدة، وما عائلة ترامب سوى واحدة صاعدة من هذه العائلات.
عائلة كلينتون.. الرئاسة بوصفها مهرا مؤخرا
كتبت هيلاري كلينتون في مذكراتها المنشورة عام 2003 إنها كانت “ترغب في أن تلوي رقبة بيل كلينتون”، الرئيس رقم 42 للولايات المتحدة، بعد فضيحة الخيانة الزوجية التي ارتكبها مع متدربة في البيت الأبيض. ثم تستدرك قائلة: “لكنه لم يكن زوجي فحسب، بل كان رئيسي، وكان يقود الولايات المتحدة والعالم بطريقة تجعلني يجب أن أواصل دعمه”. قد يبدو هذا التصريح شيئا من اثنين: إما أنه رومانسي للغاية، وإما أنه براغماتي للغاية، وبالطبع يبدو الاحتمال الثاني أقرب للحقيقة.
كان أصدقاء العائلة يطلقون على “بيل” لقب الحالم، وعلى “هيلاري” لقب البراغماتية، “إن كان بيل شراعا فستكون هيلاري المرساة”، كما نقل ستيفن هيس في كتاب “العائلات السياسية في أميركا”. كانت “هيلاري” في السابعة عشرة من عمرها عندما عملت لأول في حملة انتخابية للمرشح الجمهوري باري غولدواتر عام 1964، وبعدها بنحو عقد من الزمن عمل “بيل” في أول حملة انتخابية للمرشح الديمقراطي جورج ماكغوفرن وهو طالب في الجامعة. لم يفز أي من المرشحين بالرئاسة، لكن التجربة التي ادخرها الثنائي كلينتون ستكون مفيدة لهما عندما يلتقيان.
لم يكن دخول النساء للسياسة أمرا سهلا في وقت ما من تاريخ أميركا، ولكن كانت زوجات الرؤساء دائما إحدى أدوات الدبلوماسية الناعمة، حيث تظهر فيها السيدة الأولى بوصفها راعية للأعمال الخيرية أحيانا أو لمقابلة سيدة أولى لدولة أخرى.
لم يكن لدى هيلاري أي قدوة نسائية تقتدي بها لولوج عالم السياسة، حتى إن صديقتها، أستاذة العلوم السياسية في جامعة أركنساس، “ديان بلير” كتبت في مقال لها بعنوان “على جثته” أن أفضل زوج يساعد امرأته على دخول الكونغرس هو “زوج ميت”، بعد ترشح زوجة السيناتور كلايد سميث لملء مقعد زوجها المتوفى في الكونغرس، وتمكُّنها بعد ذلك من الحفاظ عليه مدة 30 عاما.
ينقل هيس حب بيل لهيلاري، وتخليه عن منصب سياسي للانتقال معها إلى مدينتها، فيما يشبه عُربونا لصدق مشاعره. لكن بالمقابل كانت هيلاري تبحث عن مصعد سياسي قادر على الوصول بعيدا حتى تصل معه، زوج محب ذي طموح سياسي، يسمح لها برسم حياتها دون إجبارها على التنازل عن جانب من شخصيتها. هذا هو الخيار المناسب، كانت العلاقة من ناحيتها علاقة شراكة سياسية.
في صيف 1975، تزوج بيل وهيلاري بعد خسارته انتخابات الكونغرس. قال محللو وكالة الأسوشيتد برس حينها إنه ضَمن مقعده في الانتخابات القادمة، لكنه بدلا من ذلك فضّل أن يتولى مهمة المدعي العام لولاية أركنساس بعدها بعام، ثم حاكم الولاية، ثم رئيسا للولايات المتحدة.
عند تعيين بيل مدعيا عاما لولاية أركنساس، كانت هيلاري تقدم المشورة في تشريعات الكونغرس المتعلقة بقانون الأسرة والطفل، وكانت تراقب من بعيد كيف تسير الأمور في واشنطن. وعند انتقالها إلى أركنساس، لم يكن من الواضح ما الخبرات التي عليها أن تأخذها من واشنطن وما الذي عليها تطويره في ليتل روك، عاصمة الولاية، وما الذي عليها أخذه لاحقا إلى واشنطن مرة أخرى. لم يكن انتقالها مع زوجها مجرد قضاء محتوم عليها، بل كانت تبحث عن فرصة بين ثناياه لتلتقطها أو تصنع واحدة.
وفي واشنطن، قادت الحملة الانتخابية لزوجها، وعيّنت الفريق وقادتهم في الخفاء. “هل هذا ما يجب على زوجات المرشحين القيام به؟”، هكذا كانت أصوات تتردد داخل الحزب، معبرة عن امتعاض من تحركات هيلاري. وكانت المخاوف حول “رئاسة مشتركة” تتصاعد شيئا فشيئا، خاصة بعد تصريح بيل في أحد خطاباته الانتخابية: “إذا صوّتَّ لي، فستحصل على شخص آخر مجانا”!
تأكدت بعض مخاوف الحزب والمراقبين، بعد أن فاز بيل بالانتخابات وطلبت هيلاري نقل مكتبها من الجناح الشرقي المخصص للعائلة إلى الجناح الغربي المخصص للحكم، وبالتحديد مكان مكتب نائب الرئيس.
لم تكن علاقة الشراكة بينهما سرا، أخبر بيل بنفسه الأميركيين بعد فوزه أن هيلاري كانت وراء “كل قرار اتخذه في العشرين عاما الماضية”. وجدت هيلاري لنفسها حجة تستثنيها عن الاكتفاء بالأدوار التي قامت بها السيدات الأوليات قبلها، فهي الحاصلة على شهادة جامعية في القانون، والمرشحة سابقا لتولي منصب المدعي العام للولايات المتحدة لولا أن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون أصدر تشريعا يمنع ذلك.
الاختبار الأكبر الذي تعرضت له هيلاري كان أثناء التحقيقات في فضيحة زوجها بيل والمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. كان الأميركيون ينتظرون موقف هيلاري من القضية، فوفقا للقيم الأميركية كان من الصعب عزل الرئيس أو إقالته بسبب تهم تخص سلوكه الجنسي، فهو لم يفعل شيئا يضر الولايات المتحدة، بل يضر علاقته الزوجية. لكن هيلاري نجحت في استيعاب الرأي العام وإخضاعه لموقفها، ليحصل زوجها على نسبة عالية من التأييد قبل مثوله للمساءلة أمام الكونغرس.
وبينما كان بيل يُساءل في مبنى الكابيتول، كانت هيلاري منشغلة مع مستشاريها بتحديد المناطق التي بإمكانها التركيز عليها لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، بعد انتهاء حياة زوجها السياسية في انتخابات عام 2000.
حافظت هيلاري على مقعدها في الكونغرس حتى عام 2009 حين عيّنها الرئيس باراك أوباما وزيرة للخارجية حتى عام 2013. غادرت المنصب بعدها لتبدأ التخطيط للترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
خسرت السباق الانتخابي أمام دونالد ترامب، لكن في الظل كانت هناك تشيلسي كلينتون، ابنتها التي جابت البلاد طولا وعرضا في حملة أمها للانتخابات التمهيدية عام 2008 وحملتها للرئاسة عام 2016. واليوم يرى مراقبون أن تعليقاتها النشطة على الأحداث السياسية في الولايات المتحدة قد تكون مؤشرا على نيتها الانخراط بدور قادم في الحياة السياسية.
بوش.. العائلة السياسية “البريئة”!
كانت فترة حكم بيل كلينتون تشبه وقتا مستقطعا بين فترتين لحكم عائلة بوش، فقد وصل كلينتون إلى الرئاسة بعد فوزه على جورج بوش الأب عام 1992، وغادر المنصب عام 2000 تاركا المجال للساكن الجديد، جورج بوش الابن.
المشترك الأصغر بين أفراد عائلة بوش السياسيين هو أنهم أثرياء، تخرجوا من جامعة ييل الشهيرة، ولعب الحظ كثيرا إلى جانبهم، رغم وصفهم من قبل البعض بكونهم “سياسيين سذجا”، وإن بدت تلك السذاجة متفاوتة مع تقدم الأجيال.
ينقل هيس قصة بريسكوت بوش، جد جورج بوش الابن والمؤسس الفعلي لعائلة بوش السياسية، بأنه كان طالبا في جامعة ييل حينما قرر الابتعاد عن خط أبيه العائد من الحرب العالمية الثانية ورسم مساره بنفسه، لكن دون إرادة منه وجد نفسه في فلك أبيه حين انضم لجمعية “الجمجمة والعظام” السرية في الجامعة، ثم بدأ عبرها في ربط شبكة من العلاقات التي أوصلته للعمل في بنك براون بروذرز هاريمان لنحو 40 عاما حتى أصبح مساهما في البنك وتزوج ابنة مديره، ثم أصبح عضوا في مجلس إدارة 17 شركة كبرى.
لم يكن بريسكوت ينوي الخدمة العامة، كان يهتم فقط لجمع المال، لكن بعد عودة ابنه جورج هاربرت ووكر بوش (جورج بوش الأب) من الحرب العالمية الثانية، تحرك لديه الحس الوطني وقرر القفز نحو السياسة.
وهنالك ستطلق عليه الصحافة وصف “السياسي البريء”. عندما ترشح لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي عام 1950، تقاربت أصواته مع أصوات خصمه، وطالب الحزب الجمهوري بإعادة الفرز “لضمان دقة تمثيل أصوات الشعب” و”لحساسية المنصب”، قبلت المحكمة العليا الطلب وأعيدت الانتخابات، حيث فاز بريسكوت. وفي المرة التالية عام 1952 خسر الانتخابات، لكنّ وفاة السيناتور المنتخب عن ولايته أدى إلى إعادة انتخابه لاحقا.
تكونت لدى بريسكوت خلال عمله في إدارة الشركات سمات شخصية لبقة تؤمن باللعب النظيف، وأخذ معه شخصيته تلك إلى عالم السياسة. في طريقه إلى إحدى جلسات الكونغرس، أطلعه زميله أوين بروستر على خطة الحزب الجمهوري لإلقاء اللوم على وزير الخارجية الديمقراطي دين أتشيسون حول المشكلات التي يعيشها العالم خلال الحرب الباردة، فكان رد بريسكوت: “هل نحن متأكدون أنه السبب؟!”.
صُعق بروستر من الإجابة، لم يتخيل كيف لسيناتور منتخب أن يشكك في إستراتيجية حزبه بهذا السؤال، فلم يكن سؤالا عن فاعلية الحملة أو جدواها، بل عن أخلاقيتها، ولا تسير الأمور في واشنطن عادة على هذا النحو، لكنّ بريسكوت في تلك اللحظة كان وافدا جديدا عليها.
أما الحادثة التي كادت تُلقِي ببريسكوت في السجن فكانت عندما رافق زميله السيناتور جو ماكارثي إلى ولاية كونيتيكت من أجل الترويج لرؤية الحزب الجمهوري حول محاربة الشيوعية. كان جو مكارثي معروفا بنهجه الجذري في استئصال الشيوعيين من الولايات المتحدة، ما أدى لاتهام العديدين دون أدلة حقيقية، حتى سميت سياسته بالمكارثية.
كان بريسكوت يعي ذلك، وكان عليه تقديم مكارثي إلى الجمهور في ولايته. يقول بريسكوت: “كانت ركبتاي ترتعشان، قدمته بشكل جيد، وحظي بترحيب حار، قلت: كلنا معجبون بجهود السيناتور مكارثي في محاربة الشيوعية”، لكني استدركت: “بعضنا لديه تحفظ كبير تجاه الأساليب التي يتبعها”، انفجر الجمهور غاضبا: “أرجعوه إلى روسيا.. اطردوا الشيوعي”. ولأن سذاجته السياسية كانت صادقة بالفعل، أو هكذا تبدو، حافظ بريسكوت على مقعده في الكونغرس لخمس ولايات أخرى بعد تلك الحادثة.
ثم شابه جورج بوش أباه أيضا، فقد ذهب إلى ييل وانضم إلى جمعية “الجمجمة والعظام”، وغادر مدينته ليؤسس حياته بعيدا عن والده، ونجح في جمع ثورة كبيرة من التنقيب عن النفط، ثم قفز إلى السياسة، وهناك تمتع بقدر أقل من السذاجة السياسية، وتعرض للهزائم أيضا، لكن الحظ حالفه في كثير من المرات.
شارك جورج في الحرب العالمية الثانية بوصفه طيارا، وأصبح مليونيرا قبل بلوغه الأربعين. وفي أول انخراط له في السياسة كان عضوا في جمعية جون بيرش التي تتخذ من مكارثي قدوة لها، وكان يصف نفسه بالجمهوري المعتدل. أوّلت الصحافة الأميركية حينها عبارة “جمهوري معتدل” بأنه ربما معتدل المزاج، فلم يكن يخفي مواقفه اليمينية. عارض معاهدة حظر التجارب النووية وقانون الحقوق المدنية، وهاجم المواطنين السود، ثم خسر الانتخابات.
“اتخذتُ تلك المواقف المتطرفة للفوز بالانتخابات، وأتمنى أن لا أفعل ذلك مجددا”، قال جورج بوش الأب ذلك وهو يطلب الغفران من القس في الكنيسة، لقد كان أقل براءة من أبيه، لكنه لا يزال بريئا.
عندما غادر والده الكونغرس عام 1963 وهو يعض أصابعه لمرض ألمّ به، دخل جورج مجلس النواب عن ولاية تكساس عام 1966. غيّر جورج في خطابه وأصبح أكثر اعتدالا، وحصل في الانتخابات التالية على 57% من الأصوات. نسبة عالية جذبت أنظار الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، لكن لم يقبل أي منهما تعيينه نائبا للرئيس.
“لم يفشل أي سياسي من قبل في الحصول على منصب نائب الرئيس” يقول المؤرخ تيموثي نفتالي، لكن جورج فشل مرتين. في الأولى عوّضه نيكسون بتمثيل أميركا في الأمم المتحدة، لكنه تعرض للتهميش من قبل وزير الخارجية هنري كيسنجر. وفي الثانية ألقى به جيرالد فورد في مقبرة السياسيين، وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه”، بعد تعيينه سفيرا للولايات المتحدة في الصين لنحو عامين.
في المرة الأولى جمع بعض الخبرة الدبلوماسية، وفي الثانية اطلع على أسرار الولايات المتحدة. لاحقا سخّر خبرته تلك ليصبح نائب الرئيس رونالد ريغن لولايتين متتاليتين، ثم الرئيس الواحد والأربعين للولايات المتحدة.
في ذلك الوقت الذي كان فيه جورج بوش الأب يرسم طريقه السياسية، كان جورج بوش الابن طالبا متهورا يرفض الانصياع لأوامر المدرسة، وكانت درجاته متوسطة. عند لقائه المدير لتحديد 3 جامعات يريد الانضمام إليها بعد تخرجه عام 1964، أجابه بوش: “ييل، ييل، ييل”. ضحك المدير من ثقة بوش بنفسه، فهو على عكس والده وجده، لم يكن يريد الانفصال عن ظل أبيه، كان مغرما به ويريد اتباعه.
أخذ بوش طلب الانضمام وملأه بأسماء أقاربه الذين انضموا لجامعة ييل، بما فيهم جده السيناتور وعضو مجلس أمناء الجامعة حينها بريسكوت بوش، بعدها تبين للمدير أن علاماته المنخفضة ليست وحدها مانعا للانضمام إلى الجامعة!
في ييل، كان بوش يمضي معظم وقته خارج الدرس يتحدث لأصدقائه بحماس عن موعد التخرج لينضم إلى القوات الجوية ويصبح طيارا كما كان والده، بعدها واصل بوش على نفس طريق والده وانتقل إلى تكساس للتنقيب على النفط، لكنه على عكس والده لم يجد نفطا.
وعلى عكس والده وجده، قفز إلى السياسة مرشحا للكونغرس عام 1978 دون خبرة سياسية ودون ثروة مالية. كان أبوه ممول حملته ومديرها الفعلي، ورسم أحد أعضاء فريق والده إستراتيجيات حملته، وتولت والدته إدارة التواصل مع الأصدقاء، وكان شقيقه الأصغر “نيل” مديرا مشاركا للحملة، وكانت شقيقته المراهقة “دورو” تؤدي عروضا موسيقية على الدف أثناء الحملة الانتخابية، ثم خسر الانتخابات.
لم يُلق بوش بالا للخسارة كما فعل والده الذي تأثر وبدأ في مراجعة سياسات الحملة. بدا أن وصول بوش للكونغرس كان طموح الوالد في مساعدة ابنه، وطموح الابن في اتباع مسار أبيه.
“لسنا عائلة سياسية، ولن نكون”، هكذا يقول بوش، يضيف: “نحن فقط نريد خدمة الأمة الأميركية”. لكن الواقع أن بريسكوت كان مليونيرا وسيناتورا، وجورج بوش الأب مليونيرا وتاجر نفط ورئيسا للولايات المتحدة، وجورج بوش الابن كان مالكا لنادي بيسبول وحاكما لولاية تكساس عام 1995 ثم الرئيس الثالث والأربعين للبلاد، وأخاه جيب بوش مقاول عقارات ثم حاكم ولاية فلوريدا. لقد جمعت العائلة بين أموال وول ستريت وأموال النفط والرياضة والعقارات والعلاقات الدبلوماسية والاستخبارات والرئاسة.
أرستقراطيو السياسة الأميركية
يستعد الديمقراطي المنشق روبرت إف كينيدي جونيور لتولي وزارة الصحة في حكومة ترامب. كان ديمقراطيا على نهج عائلته، حتى فترة الرئيس المنتهية عهدته جو بايدن، ليصبح مستقلا. كان والده روبرت إف كينيدي الأب وزيرا للعدل، وعمه جون إف كينيدي عضو مجلس النواب ثم مجلس الشيوخ ثم الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة، وعمه الآخر إدوارد مور كينيدي عضو مجلس الشيوخ، أما جده فكان جوزيف باتريك كينيدي سفير الولايات المتحدة السابق في بريطانيا.
ويبدو أن تشارك العائلة للحياة السياسية لم يكن مجرد تصادف طموحات فردية، بل مشروعا مشتركا بين أفرادها. “كان من المفترض أن يكون جو (جونيور) هو السياسي، وعندما مات حللت مكانه، وإذا حدث لي أي شيء فسيحل بوبي مكاني، وإذا حدث لبوبي أي شيء فسيحل تيدي مكانه”، هكذا يختصر الرئيس جون كينيدي المشهد، وهكذا كان حلم الأب جوزيف باتريك كينيدي بتوارث أبنائه الرئاسة.
بدأ مجد عائلة كينيدي عند تصاهرها مع عائلة فيتزجيرالد بوصفهما عائلتين من أصول إيرلندية. كان جون فيتزجيرالد سياسيا مفوها وشخصية كاريزمية جمعت الأميركيين من أصول إيرلندية، وأصبحوا يلقبونه بلقب “نابليون الحي الشمالي”.
تعاون فيتزجيرالد وباتريك جوزيف كينيدي في تشكيل “المجلس الإستراتيجي” الذي أوصل فيتزجيرالد إلى مجلس النواب عام 1892 ثم إلى عمادة مدينة بوسطن عام 1905. كان اصطحاب فيتزجيرالد لابنته روز في المناسبات العامة سببا غير مباشر في زواجها من ابن كينيدي، جوزيف باتريك كينيدي.
لم يكن فيتزجيرالد راضيا عن الزواج، كان يطمح في تزويج ابنة العمدة لشخص أعلى سمعة من مقاول عقارات، لكن الأيام خبأت لمقاول العقارات أن يصبح سفيرا للولايات المتحدة في بريطانيا. ورغم أن مواقفه السياسية أعادته سريعا إلى بوسطن، فقد عزم على زرع الطموح السياسي في تربية أبنائه.
أن تولد لجد كاريزمي، خدم في مجلس النواب وكان عمدة المدينة، ولأب يحرص على مستقبلك السياسي حرصه على دراستك، لا بد أن يثمر شيئا ما في المستقبل.
كان طموح الجد فيتزجيرالد عاليا، لكنّ غروره بلقب نابليون جعله يرتكب أخطاء لم يتجاوز بسببها مكتب العمدة. ترشح لمجلس النواب لولاية ثانية، واتهم بتزوير الأصوات، ثم أقيل من منصبه، ثم ترشح لمنصب حاكم الولاية وخسر، وأخيرا ترشح في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي من المقرر أن تفرز خصم المرشح الجمهوري للرئاسة هنري كابوت لودج جونيور، لكنه لم يحظ ببطاقة الترشيح.
بعد وفاة فيتزجيرالد بعامين، فاز حفيده جون إف كينيدي على هنري كابوت لودج جونيور في انتخابات مجلس الشيوخ عام 1952. كان الفوز على لودج انتصارا شخصيا وموضوعيا بالنسبة لجون، فقد أشعره بكفاءته في إكمال مسيرة جده، وأظهر مستواه السياسي في الانتصار على السيناتور الجمهوري الذي يوصف بالقوي حينها.
بعد ذلك لم يخرج جون من الكابيتول إلا وهو في طريقه إلى البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة عام 1961 بصفته أصغر رئيس يتولى المنصب، وأول رئيس كاثوليكي روماني، وأول من يتولى الرئاسة من آل كينيدي.
بعدها بعامين، اغتيل جون إف كينيدي عام 1963، وتحول إلى أيقونة وطنية يطلق اسمه على المطارات ومراكز الأبحاث وكل ما من شأنه أن يمثل رمزا وطنيا، كما أنه سطر اسم كينيدي كعلامة سياسية يحملها معه اليوم روبرت إف كينيدي جونيور إلى حكومة ترامب.
تُكتسب العلامة السياسية أحيانا بإنجازات الرؤساء، فأبراهام لينكولن، مثلا، ألغى العبودية وأنهى الحرب الأهلية، وجورج واشنطن قاد الانفصال عن بريطانيا وأصبح أول رئيس للولايات المتحدة. لكن بعض الأشخاص يكتسبون رمزيتهم السياسية بالوراثة، كعائلة أدامز وروزفلت وهاريسون، ومثلها ما مجموعه 19 عائلة سياسية أميركية، أسهم أبناؤها وأحفادها في صناعة القرار السياسي في الولايات المتحدة، ليست عائلة ترامب أولها ولا آخرها.
الجدير بالذكر أن خبر “عائلات أميركية قادت الإمبراطورية وأمسكت بخيوط اللعبة” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.