نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “شمال سوريا.. "تحوّل كبير سيكون له تداعيات"”
قبل يومين عُقد اجتماع في مدينة غازي عنتاب التركية ضم أطرافا عسكرية وسياسية وعشائرية من المعارضة السورية لبحث هدف رئيسي يتعلق بـ”مناقشة سبل تذليل التحديات” وإيجاد الحلول، لكن سرعان ما ارتسمت صورة عكسية ومخالفة لذلك، وترجمها بيان اعتبر باحثون ومراقبون أن تفاصيله تشكّل “تحولا كبيرا سيكون له تداعيات” في المرحلة المقبلة.
البيان صدر من جانب فصيل عسكري كبير يطلق عليه اسم “الجبهة الشامية”، وحمل لغة هجومية ضد “الحكومة السورية المؤقتة” المعارضة ورئيسها عبد الرحمن مصطفى، وتطورت سياقاته شيئا فشيئا لتصل إلى حد الإعلان عن مقاطعتها بالكامل والدعوة لحجب الثقة عنها.
واستهجن البيان ما وصفه بـ”العدائية غير المسبوقة” الموجهة إلى “الجبهة الشامية” من جانب مصطفى وخلال الاجتماع الذي شارك فيه مسؤولون أتراك في غازي عنتاب، مضيفا أن “رئيس الحكومة المؤقتة حاول تصوير الحراك الشعبي في ريف حلب كمؤامرة تخريبية على الجسم الذي يرأسه وانقلب عليه”.
ويتركز انتشار الفصيل العسكري المذكور في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي.
وفي حين أنه يشترك على نحو كبير بإدارة معبر “باب السلامة” الذي يربط تركيا بسوريا فإنه يتبع لوزارة الدفاع التي تعتبر أحد مكونات “الحكومة المؤقتة” التابعة للمعارضة، كما ينضوي ضمن تحالف يطلق عليه اسم “الجيش الوطني السوري”.
ويقول الباحث في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، الدكتور سمير العبد الله إن التطور الحاصل ما بين “الجبهة الشامية” والحكومة التي يرأسها مصطفى يعتبر “تحولا مهما قد تكون له تداعيات كبيرة في الواقع السياسي والميداني في المنطقة”.
ويضيف لموقع “الحرة” أن قرار الفصيل بقطع التواصل مع حكومة مصطفى ومطالبته “الائتلاف السوري” المعارض بسحب الثقة عنها يعكس أيضا “تحولا ملحوظا”.
ويوضح العبد الله حديثه بالقول: “الجبهة الشامية كانت تلعب دورا محوريا في التنسيق مع حكومة عبد الرحمن مصطفى في إدارة معبر باب السلامة، وهو معبر استراتيجي ذو أهمية كبيرة، وكانت قد دخلت في صراعات مع فصائل أخرى، مثل أحرار الشام وفرقة الحمزة، لضمان نفوذها والحفاظ على الموارد”.
ولذلك، فإن قرارها التصعيدي “قد يؤدي إلى تغييرات في التحالفات والتوازنات الداخلية في الشمال السوري”، وفق العبد الله.
ولم يصدر أي تعليق من جانب مصطفى و”الائتلاف السوري” المعارض حتى الآن، ومع ذلك كان بيان “الشامية” قد سبقه آخر نشرته “الحكومة المؤقتة”، وتطرقت فيه إلى المسألة المتعلقة بفتح معبر “أبو الزندين” بين مناطق المعارضة والنظام السوري.
وأوضح بيانها أن اجتماع غازي عنتاب ناقش “أهمية أبو الزندين كمعبر حيوي إنساني واقتصادي يؤثر إيجابا على الوضع الاقتصادي والإنساني في المنطقة”، وأكد المشاركون وفق النص الرسمي له أن “المعبر لا علاقة له بأي من ملفات التطبيع مع النظام”.
“سلسلة تراكمات”
ومنذ سنوات تدير “الحكومة المؤقتة” المعارضة مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والشرقي، ويشارك في هذا المسار أيضا مجالس محلية على تنسيق دائم بالولايات الواقعة في جنوب تركيا.
وفيما يتعلق بالشق العسكري تنتشر في تلك المناطق فصائل عسكرية كبيرة.
ورغم أن تلك الفصائل تنضوي ضمن “تحالف واحد” (الجيش الوطني السوري) الذي يتلقى دعما من تركيا ويتبع لوزارة الدفاع، غالبا ما كانت العلاقة فيما بينها قائمة على الصدام، وهو ما عكسته عدة حوادث على الأرض.
وتعتبر “وزارة الدفاع” في ريف حلب الشمالي، إحدى مكونات “الحكومة المؤقتة”، وعلى أساس ذلك يُنظر للصراع الحاصل على أنه يدور بين “رأس ومرؤوس”.
ويعتقد الباحث الأمني السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان أن الصدام القائم بين فصيل “الجبهة الشامية” وحكومة مصطفى لا يرتبط بقضية فتح “أبو الزندين” فحسب، بل تقف وراءه سلسلة من التراكمات.
ويقول لموقع “الحرة” إنه “توجد تراكمات ضخمة، وما نراه الآن يتعلق بفرصة الاستفادة من الواقع العام في المنطقة”.
المعبر الداخلي (أبو الزندين) يقع بالقرب من مدينة الباب الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، ويصلها بشكل مباشر مع المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري في ريف المحافظة ذاتها.
وبعد افتتاحه في أغسطس الماضي دون أي بيان محلي رسمي وواضح، أعادت وحدات “الشرطة العسكرية” التابعة لفصائل المعارضة إغلاقه، بعدما شيّد مدنيون غاضبون بالقرب منه “خيمة اعتصام”.
وتزامنت تلك الخيمة مع حالة غضب ترجمها حقوقيون ونشطاء سياسيون بتنفيذ اعتصام في منطقة إعزاز بريف حلب، وأطلقوا عليه اسم “اعتصام الكرامة”.
“احتقان وموقف حاسم”
ويُنظر إلى “اعتصام الكرامة” في الشمال السوري والحراك الحاصل في السويداء جنوبي البلاد “كأمل أخير للشعب السوري لاستعادة قراره وتوجيه الثورة نحو مسارها الصحيح”، على حد تعبير الباحث السوري العبد الله.
ويقول: “هذا الحراك الشعبي يُعبّر عن رغبة متزايدة في استعادة الثورة من القوى التي هيمنت على المشهد وخذلت تطلعات السوريين في التغيير والإصلاح، مع التأكيد على ضرورة الابتعاد عن المصالح الشخصية وإعادة التركيز على القيم الأساسية التي قامت عليها الثورة”.
ومن ناحية أخرى، يشير العبد الله إلى أن “الاحتقان الشعبي تجاه مؤسسات المعارضة ومنها الحكومة المؤقتة يُمثل فرصة للفصائل مثل أحرار الشام وأحرار الشرقية لتحسين موقعها السياسي والعسكري في شمال سوريا، من خلال التقرب من الشارع وبناء جسور مع القاعدة الشعبية التي فقدت ثقتها في تلك المؤسسات”.
لكن يبقى “الموقف التركي هو الحاسم في هذا الصراع”، كما يتابع الباحث السوري.
ويوضح: “إذا استمرت تركيا في دعم مصطفى ومؤسسات المعارضة، قد يؤدي ذلك إلى تعميق الخلاف مع الحاضنة الشعبية السورية، مما قد يفتح المجال لتحالفات جديدة بين الفصائل المستاءة والجبهة الشامية”.
و”قد تجد بعض الفصائل في هذا التقارب فرصة للحصول على مكاسب عسكرية أو اقتصادية، خصوصا إذا استمر التصعيد”، وفقا للباحث العبد الله.
لكنه يلفت في المقابل إلى أن “بعض الفصائل قد تفضل النأي بنفسها عن الصراع لتجنب فقدان الموارد أو النفوذ، وقد تتبنى أخرى موقفا حياديا أو تسعى إلى حلول سياسية، خاصة في ظل الضغوط الإقليمية والدولية لمنع أي تصعيد يزعزع الاستقرار.
“على وقع التطبيع”
وتتزامن حالة الصدام الحاصلة بين أطراف المعارضة السورية الحكومية والعسكرية مع اتجاه تركيا لفتح خطوط تواصل مع النظام السوري، من أجل بدء محادثات بشأن سلسلة ملفات تتعلق بسوريا.
وحتى الآن لم تتضح الصورة التي ستكون عليها العلاقة بين دمشق وأنقرة في المرحلة المقبلة. وكانت عملية فتح “أبو الزندين” وإغلاقه مؤخرا قد ولدت اعتقاد لدى كثيرين وبينها فصائل عسكرية بأنها خطوة أولى لتعبيد طرقات التطبيع.
ولم تبد “الحكومة المؤقتة” أي رفض لفتح المعبر، وأكدت في بيانها بعد اجتماع غازي عنتاب أنه يهدف فقط لإنعاش المناطق التي تديرها اقتصاديا.
كما أكدت أن المجتمعون اتفقوا على مواصلة هيكلة “الجيش الوطني السوري” وتوحيد الفصائل تحت مظلة واحدة.
ويعتقد الباحث شعبان أن الصدام الحاصل سيكون له “تبعات”، ويستند بذلك على “بيان الجبهة الشامية الهجومي، وإعلانها قطع التواصل مع الحكومة المؤقتة”.
ويقول إن “المشهد يتجه إلى صراع بين حكومة ومنظمات رسمية عاملة في المنطقة وفصيل عسكري يتبع لوزارة الدفاع، الأمر الذي سينعكس على هيكلية الأخيرة”.
ومن جهته يرى الباحث العبد الله أن “تجميد التعاون من قبل فصيل واحد قد لا يكون كافيا لتحقيق التغيير المطلوب، خاصة أن التركيبة السياسية والعسكرية في الشمال معقدة وتحتاج إلى تضافر جهود مختلف القوى”.
ويعتقد في المقابل أن “التحالفات المقبلة وإن تمت في شمال سوريا ستكون مبنية على المصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية، مع دور رئيسي للموقف التركي في تحديد شكل هذا الصراع وتوجه الفصائل”.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.