د.حماد عبدالله يكتب: حتمية عودة ثقافة التنوع
عناوين رئيسية

د.حماد عبدالله يكتب: حتمية عودة ثقافة التنوع



 

المجتمع المصرى منذ بدء الخليقة قرأنا عنه حتى ما قبل الأسرات، كان مجتمعًا متنوعًا، ومن الحضارة الفرعونية إلى البيزنطية إلى مجىء سيدنا ” موسى” وخروجه من مصر، على يد “رمسيس الثانى” (أحد الرمامسة) وهجرة العائلة المقدسة إلى “مصر” ورحلتها الشهيرة التى نحتفى بها هذه الأيام، والفتح الإسلامى بقيادة “عمرو بن العاص” بأوامر مشددة من الخليفة “عمر بن الخطاب” بأهل مصر( خير جند الله) كما جاء فى حديث الرسول الكريم (عليه أفضل الصلاة والسلام).
المجتمع المصرى المركب من كل هذه الحضارات والعناصر الإنسانية، كل تلك الإشارات التى وردت فى مقالى هى مدخل للإصلاح الثقافى الذى يجب أن تهتم به الدولة وربما نجد من يعلق، هل إنتهينا من الإصلاحات الإقتصادية والسياسية، “وكله بقى تمام”، عشان نرفع عنوان جديد وهو الإصلاح الثقافى !!
وفى واقع الأمر أن البديهى والمنطقى لأى نهضة فى أى مجتمع أو فى أى قبيلة حينما نشرع فى إجراء إصلاحات “لأعطاب” الزمن عليها.. يوجب أن تستنهض نفسها أولًا بعزيمة رؤيتها وقوة إيمانها وتوثق قدرتها على أنها قادرة على نفض غبار الزمن وتعديل مسارها سواء سياسيًا أو إقتصاديًا كل هذا من منطلق أن هناك لدى هذه القبيلة أو الجماعة ثقافة مترجمة عن طريق دينها وعلمها، وفنها، وغنائها وشعرها، وموسيقاها، حتى فى مواويلها الشعبية التى تروى على الربابة أو على السمسمية سواء !!
وثقافة هذه القبيلة أو الأمة، تنقل وتدرس وتغرس فى المدرسة والبيت وفى تجمعات الأولاد سواء فى نادى أو فى حى أو فى مسجد أو كنيسة !!
وكل هذه الأدوات، أعتقد بأن مسئوليها متعددين وليست وزارة الثقافة وحدها بل الإعلام وأعتقد أنه الأساس.
فلقد شاهدنا طه حسين والعقاد وزكى نجيب محمود ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم والسحار وإدريس وغيرهم سواء فى ندوات نقلها التليفزيون الأبيض والأسود أو “ماسبيرو زمان” فى نوادى السينما التى كانت منتشرة فى الأحياء وأواسط المدن !!
وكانت الصالونات لهؤلاء وغيرهم تعقد ولها مواعيد ولها رواد سوا كان مكان الإنعقاد قهوة أو بيت مفتوح للعامة !!
فالثقافة فى هذا العصر جعلت الأمة تتمسك بالتحول الإقتصادى من رأسمالى إلى إشتراكى والثقافة فى هذا العصر جعلت الأمة تؤمن بنظرية الإنتماء الوطنى شديد العنصرية كما ولدت الثقافة رؤية ثابتة وموحدة نحو القومية العربية.
بل وصلت الثقافة فى صورها المختلفة إلى أنها أصبحت غذاء وعشاء الشعب..
وفى هذه الحقبات الزمنية قيل بأن شعب مصر يتغذى كرة قدم مع “محمد لطيف” ويتعشى “غناء أم كلثوم” ويستنهض بخطاب جمال عبد الناصر !!
كانت الثقافة الموجهة.. قادرة على أن تجعل الأمة  تقف وراء أية فكرة وتحارب من أجل هذه الفكرة حاربت سنة 1956 وحاربت فى الوحدة سنة 1958 وحاربت فى بناء السد العالى وحاربت فى التأميم سنة 1961 وإنتشرت من خلال تصدير إغنية إلى تصدير قوات مسلحة وأسلحة أرسلت إلى الجزائر والكونغو واليمن وغيرهم !!
حتى إنكسارنا فى 1967 كانت الثقافة تغذى المصريون بفكرة النكسة “وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة” “ويد تبنى ويد تحمل السلاح “وغيرها من كلمات حملتها الثقافة الموجهة إلى وجدان الأمة فإقتنعت بها وحملتها شعارًا.
وحتى بعد حرب 73وبعد عقد إتفاقيات السلام وإنتقالنا إلى “سوق حرة” بدلًا من “سوق موجهة” كانت الثقافة هى العنصر الحامل للفكرة  السياسية والإقتصادية وكان الإعلام هو المنبر وهو الباعث ولكن الثقافة هى المادة وليس بغريب أن كان الإعلام نافذة الثقافة وكانت الوزارة المسئولة هى وزارة الإرشاد القومى أو “الثقافة والإعلام” وكان الفصل بينهما ربما لأغراض أخرى ربما أهمها زيادة الحقائب الوزارية ومجاملة بعض الطامحين للمناصب !!
لكن نعود مرة أخرى إلى الإصلاح الثقافى هل الثقافة فى المحروسة اليوم قد أدت دورها فى ظل مسئولية طالت لعشرات السنوات.
ولكن المجتمع المصرى بتنوعه الذى كان مركبًا من عناصر ثقافية مختلفة حتى أنه سمى بالمجتمع (الكوزموبوليتان) فى أوائل القرن التاسع عشر، كانت مصر هى مركز الإبداع فى المنطقة بل فى العالم، وكانت “مصر” هى قبلة المهاجرين للبحث عن حياة افضل، جائها اليونانيون والإيطاليون ومن كل بقاع الأرض باحثين عن الحياة فيها.
هذا التنوع هو كما نحتاج إلى إعادته بصورة حضارية، مطلوب إصلاح ثقافى بعد أن داهمتنا “الدشداشة” والأفكار الوهابية حتى إستطاعت أن تخطف البلد وإستطعنا أيضًا بالثقافة الكامنة فى شعب مصر أن نستردها فى 2013، ولكن ما زلنا فى إحتياج لبرنامج “إصلاح ثقافى”!!
[email protected]




اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading