تنهيدة جَد – أخبار السعودية
عكاظ

تنهيدة جَد – أخبار السعودية



•• التقيته في مقهى قريبٍ من منزلي، فشعرت باضطراب يظهر على وجهه رغم هدوئه.. ابتسامته المكسورة ونظراته الكئيبة لم تخفِ وجل قلبه المتورم من الألم.. طاقة من الحزن تتخثر في داخله تجعل دموعه تلمع على حواف أهدابه.. منظره الفائض على عينيه اللتين يفركهما بين الحين والآخر؛ حرَّضني على الرغبة في معرفة شكواه.. معاناة ذلك الجَد تكمن في حنانه العقيم لعناق أحفاده.

•• أنقل ما قالته لي تنهيداته بتصرف؛ ما إن يأتي عليه يوم جديد إلا ويشتاق لمتعته في معانقة أحفاده من ابنه الأكبر الذي يسكن معه في نفس المبنى.. يريد القبض على أجسادهم النحيلة كبقية أسباطه من بناته.. ابنه «العود» شوه جمال حكايات ألف ليلة وليلة أحبها الأحفاد من بين أسنان جدهم.. تلك هي دغدغة شقاء جَدّ كان أحفاده لديه كشمس الشتاء.

•• تلك المعاناة الخجولة لذلك العجوز يحملها أناس ليسوا بالقليل في المجتمع.. عاشوا مع أحفادهم في غيبوبة جميلة تشبه الانخطاف ثم خُطِفوا منهم.. وكلنا نرى حبات دموعهم الثقيلة وهي تغسل شارع خدودهم الطويل ولا نفعل لهم شيئاً.. وقفنا متفرجين بحدود قصوى وكأننا مربوطون في حجر ثقيل.. لم نقدم لهم حتى ولو نتفة مبادرة دافئة للتخفيف عنهم من صقيع شرايين ذكراهم القديمة.

•• هؤلاء الأجداد عندما لم يروا منَّا اهتماماً لمعاناتهم؛ التصقوا بزجاج الحياة فتكونت بجوارهم طبقة ضبابية من الحنين على ماضٍ كانوا فيه أسياداً.. ولما رأوا منَّا إفلاساً حقيقياً بغفلتنا عنهم؛ صارت أنفسهم صمَّاء فزدناهم قهراً إلى قهرهم.. وحين لم نرسل لهم ضوءاً أخضرَ يليق بهم؛ جعلناهم يعيشون في صومعة منتصبة خلف سياج من الندم.. فجمال حياة الجَد بين أحفاده ومن يحب.





اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading