تأملات في الإنسان.. كتاب رجاء النقاش الأقرب إلى قلبه

تمر اليوم ذكرى رحيل الناقد الكبير رجاء النقاش، إذ توفي يوم 8 فبراير 2008، بعد رحلة طويلة من الكتابة الصحفية واكتشاف المبدعين الكبار وإدارة المجلات المهمة وإصدار العديد من الكتب، لكن يظل كتابه تأملات في الإنسان، أحد أبرز كتبه والأقرب إلى قلبه.

يقول رجاء النقاش في الطبعة الثالثة للكتاب التي صدرت في سنة 1977:

صدر هذا الكتاب في طبعته الأولى سنة 1963 بعنوان “التماثيل المكسورة” فى سلسلة: اقرأ الشهرية. وقد نفدت الطبعة الأولى بعد شهور. وصدرت الطبعة الثانية من الكتاب في دار القلم في بيروت بعنوان “الحب لا يتكلم كثيرا”، وكانت الطبعة الثانية تضم تسعة فصول جديدة. وها هي الطبعة الثالثة أقدمها للقراء بعد حوالي سبع سنوات من صدور الطبعة الثانية.

وأود أن يسمح لى القراء هنا باعتراف خاص، هذا الاعتراف هو أننى أحب هذا الكتاب أكثر من أي كتاب آخر لي. وذلك ببساطة لأننى كنت أحاول أثناء كتابته أن أعالج نفسي من الحزن والضيق بالحياة. كنت أحاول أن أنتصر على عوامل الهزيمة الروحية التي أوشكت يوما أن تسد أمامي كل الطرق وأن تسلب منى أى حماس للحياة أو ابتهاج . وكلما عدت إلى فصول هذا الكتاب تدفقت في روحي عزيمة تريد أن تنتصر على الحزن والأسى والتشاؤم.

وبمرور الأيام اكتشفت أن الكثيرين يشعرون نحو هذا الكتاب بنفس مشاعري، وذلك لأنهم اصطدموا فى طريق الحياة ببعض الأحزان الكبيرة، ودخلوا مع هذه الأحزان في صراع حاد أرادوا أن ينتصروا فيه وأن يواصلوا حياتهم رغم عدوان الحزن والكآبة.

وفي هذه الطبعة الثالثة اخترت اسما جديدا للكتاب هو تأملات في الإنسان . … لقد كنت حائرا منذ الطبعة الأولى لهذا الكتاب في تسميته. واخترت عنوان الفصل الأول عنوانا للكتاب في طبعته الأولى. وفي الطبعة الثانية اخترت عنوان فصل آخر عنوانا للكتاب ولكنني لم أكن مستريحا للتسمية الأولى ولا للتسمية الثانية. على أنني أشعر الآن – في هذه الطبعة الثالثة – بأنني وجدت العنوان المناسب الصحيح الذي يعبر حقا عن الإطار الذي يدور فيه هذا الكتاب .

…

إنه تأملات في الإنسان

تأملات متواضعة ولكنها صادقة

وأرجو أن يغفر لها هذا الصدق كل ما فيها من أخطاء وعيوب.