بعد "سيركو لوكو" وفيديو الهدم.. هل تتأثر الأهرامات المصرية بالحفلات وأضوائها؟
أخبار العالم

بعد "سيركو لوكو" وفيديو الهدم.. هل تتأثر الأهرامات المصرية بالحفلات وأضوائها؟

نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “بعد "سيركو لوكو" وفيديو الهدم.. هل تتأثر الأهرامات المصرية بالحفلات وأضوائها؟”

في 19 نوفمبر أصدر المغني الفرنسي اللبناني الأصل ألبرت طويل فيديو ترويجيا لأغنية سيصدرها في الأيام القادمة القليلة. الأغنية الجديدة التي حملت عنوان “Tomber dans Le Vide” باللغة الفرنسية، جاءت على لحن أغنية “صبري قليل” للمطربة المصرية شيرين عبد الوهاب التي صدرت في عام 2003. 

الغريب في الموضوع أن إعلان صدور الأغنية جاء قبل وفاة ملحنها الأصلي محمد رحيم بأربعة أيام لتبدو وكأنها تكريم حي ومباشر لعبقرية هذا الملحن الذي أبدع لحناً لا يزال ينافس في قوائم الأغاني العربية حتى بعد أكثر من ربع قرن على صدوره. فمن هو محمد رحيم؟ وما هي أهم أعماله وإسهاماته في عالم الموسيقى العربية؟

جاءت وفاة محمد رحيم المفاجئة أثر نوبة قلبية حادة عن عمر 45 عاماً. وبدأت وسائل الإعلام بنعيه وتعريف الجمهور عنه أكثر، كما أخذ زملاؤه بالحديث عنه في منصات التواصل الاجتماعي محاولين إعطاء الراحل حقه وقدره في عالم الفن بوصفه ملحناً وشاعراً وموزعاً ومغنياً.

ولد رحيم في سبتمبر من عام 1979 في محافظة كفر الشيخ، لأب يعمل كمهندس زراعي، وأم تعمل كمدرسة للغة العربية، وهي الشاعرة إكرام العاصي التي رحلت عن عالمنا في عام 2013 بعد أن شاركته في كتابة كثير من الأغاني التي قام بتلحينها. ومنذ دخوله كلية التربية الموسيقية وهو يثري مكتبة الموسيقى العربية بأنجح الألحان وأشهرها، وعلى رأسها: “الليالي” لنوال الزغبي، “أخبارك إيه” لمايا نصري، “أجمل إحساس” لإليسا، “ليه بيداري كده” لروبي. 

اكتشافه

في بداية عام 1998، ذهب الملحن والموزع الموسيقي حميد الشاعري إلى كلية التربية الموسيقية في الزمالك لإلقاء ندوة اعتيادية في الموسيقى. في نهاية الندوة، اقترب منه شاب كان قد أنهى للتو 18 عاماً وأخبره أنه يريد أن يدخل عالم التلحين. 

لم يتردد الشاعري في إعطاء الشاب فرصة لسماع ما لديه، وطلب منه أن يأتيه إلى استوديو التسجيل في الثانية عشرة ليلاً. ذهب الشاب إلى الموعد ليلتقي بالشاعري وبأهم مطرب في جيله في العالم العربي. هذا المطرب هو عمرو دياب، وأما الشاب هو الملحن محمد رحيم، ليثمر اللقاء عن أول عمل فني لرحيم في تاريخه، وهو أغنية “وغلاوتك” التي صدرت في ألبوم الفنان عمرو دياب عودوني الصادر في عام 1998 ولا تزال في المراتب المئة الأولى من قوائم الاستماع العربية حتى يومنا هذا.

نجاح رحيم مع عمرو دياب كان له الفضل في فتح الباب للجيل الجديد من الشباب من شعراء وملحنين. ولولا هذا النجاح لم يكن عمرو دياب ليغامر مع أسماء جديدة في وقتها مثل شريف تاج، وعمرو مصطفى، وخالد عز، ومحمد يحيى وغيرهم. لذا يعتبر النقاد أن ظهور رحيم هو حلقة الوصل بين الجيل القديم لصنَّاع الموسيقى الذين ينتمون لمدرسة “المقسوم”، وبين الجيل الجديد الذي اعتمد اللاتين بوب نمطاً جديداً دفع الموسيقى العربية للتحرك في اتجاه جديد لعقدين من الزمن.

تنوع رحيم في الألحان

في تصريحاته لموقع الحرة، يقول الناقد الفني المصري مصطفى حمدي إن رحيم استطاع أن يثبت نفسه كملحن متمرس من خلال تنوعه في الألحان والتنقل بين الأنماط الموسيقية. فألحانه تنوعت بين اللاتين بوب، والمقسوم، والفلكلور الشعبي المصري، والتقطيعات الموسيقية السريعة والقصيرة التي يُعتبر رائداً فيها. 

وهذه مهارة نادرة الوجود عند الملحنين إذ ليس من السهل أبداً أن يجيد ملحن ما جميع الأنواع الموسيقية المتواجدة في الساحة. واستطاع رحيم أن يلحن الأغنية الطربية والشعبية، كما استطاع أن يلحن الأغنية الإيقاعية الخفيفة. لحن رحيم لكبار المطربين كعمرو دياب ومحمد منير ومحمد فؤاد، وساهم أيضاً في اكتشاف الأصوات الجديدة في وقتها مثل مايا نصري، تامر حسني، هيثم شاكر، روبي، جنات وغيرهم. 

كما أضاف حمدي للحرة أن رحيم، وبعد أن تعاون مع الراحل عبد الرحمن الأبنودي في أغنية يونس لمحمد منير، كان يخطط لإعادة تلحين السيرة الهلالية، ولإعادة تلحين الفلكلور المصري بطريقته الخاصة.

مواهب رحيم المتعددة..

لم يكتف رحيم بالتلحين فقط، بل صدرت له أغانٍ كثيرة كانت من كلماته. ويشير مصطفى حمدي إلى أن الأغاني التي صدرت باسم والدته إكرام العاصي كشاعرة كانت معتمدة بشكل كبير على مساهماته في كتابتها أيضاً، وأن الراحل تشارك مع والدته في صياغة ونظم الكلمات. وبالنظر لمسيرة حياة الراحل الموسيقية، فإن عدد الأغاني التي صدرت باسمه ككاتب ازداد بشكل ملحوظ بعد وفاة والدته، الأمر الذي يدعم نظرية حمدي في مساعدة رحيم لإكرام العاصي في كتابة كلمات الأغاني.

ثم اتجه رحيم إلى التوزيع الموسيقي لينفذ أفكاره اللحنية والتي من أشهرها أغنية منازل لأصالة التي صدرت في 2015. ولرحيم المطرب مجموعة من الأغاني التي غناها بصوته كانت آخرها أغنية “بنت اللذينة” من كلماته وألحانه وتوزيعه والتي صدرت في سبتمبر الماضي.

نجاحات محمد رحيم..

في فبراير 2024، أصدرت مجلة “رولينغ ستون” الأميركية نتائج استفتاء أفضل 50 أغنية عربية في القرن الواحد والعشرين. وبعد مراجعة القائمة تبين أن لمحمد رحيم 4 أغانٍ في هذه القائمة، ليصبح رحيم أكثر ملحن متواجداً في نتائج الاستفتاء. أما على قوائم بيلبورد العربية والتي تم استحداثها منذ سنة تقريباً، فلرحيم ألحان عدة ضمن “هوت 100”. 

أغنية “الوتر الحساس” لشيرين التي صدرت في عام 2018 وصلت إلى المركز الثاني على الرغم من مرور ست سنوات على صدورها. أغنية “صبري قليل” لشيرين أيضاً وصلت إلى المركز الثالث على الرغم من مرور أكثر من 20عاماً على صدورها. كلا الأغنيتين موجودتان على القوائم لمدة تتجاوز 50 أسبوعاً متتالياً. أغنية “وغلاوتك” لعمرو دياب موجودة على القوائم لمدة 33 أسبوعاً حتى الآن بالرغم من صدورها منذ 26 عاماً.

وبالنسبة للجوائز، فبالإضافة لعدد كبير من الجوائز المحلية والعربية، يُعتبر رحيم الملحن العربي الوحيد الذي حصل على درع التكريم الماسي من جمعية المؤلفين والمبدعين الفرنسية العالمية (sacem) كأول مصري وعربي يفوز بهذه الجائزة. كما يُعتبر رحيم أصغر ملحن مصري يحصل على جائزة World Music Award العالمية عن أغنية حبيبي “ولا على باله” التي صدرت عندما كان عمره 22 عاماً فقط.

تلويحه بالاعتزال..

في 19 فبراير عام 2024، فوجئ جمهور الفنان برسالة نشرها على صفحتيه في فيسبوك وإنستغرام يقول فيها: “تعليق كل نشاطاتي الفنية لأجل غير مسمى حتى إشعار آخر مع احتمالية اعتزال المهنة والسفر خارج البلاد”. 

جاءت هذه الرسالة كرد فعل على صدمته بسبب تجاهله وعدم دعوته من قبل القائمين على حفل “ليالي سعودية مصرية” الأول الذي أقيم في دار الأوبرا المصرية وحضره أغلب صناع الموسيقى المصرية. ولكن سرعان ما تراجع عن كلامه هذا بعد مناشدة جمهوره والقائمين على الصناعة بالعدول عن هذا القرار.

هذه الحادثة حصلت قبل وفاته بتسعة أشهر لتبدو مؤشراً واضحاً على خطأ تكرره الجهات الإعلامية التي لا تحتفي بالفنانين والمبدعين وهم على قيد الحياة. ولكن ما يعزِّي رحيم في حالته أن عام 2024 كان مليئاً بالتكريم المعنوي الذي حصدته أغنياته القديمة من خلال وجودها المستمر على قوائم ومنصات الاستماع العربية.

وبالرغم من تبني البعض نظرية أن الراحل مات مقهوراً بسبب تجاهل المعنيين لرحيم الملحن في العقد الأخير، إلا أن الناقد مصطفى حمدي ينفي هذه النظرية ويشدد على أن المكالمة الأخيرة التي جرت بينه وبين الراحل محمد رحيم في شهر سبتمبر الماضي كانت إيجابية جداً عبَّر فيها الراحل عن سعادته وفرحه بالتكريم المعنوي الذي يحصده من كلام الشارع عن أعماله.

في النهاية، خسر الوسط الفني واحداً من أهم صناع الموسيقى العربية، ولكن لم يخسر الجمهور هذا الفنان الشامل، لأن إرثه الموسيقي سيبقى متردداً في وجدان العرب والمصريين.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading