نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟”
يختتم الناخبون في 21 دولة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، انتخابات البرلمان الأوروبي التي استمرت أربعة أيام، الأحد، في ظل توقعات بتحقيق الأحزاب اليمينية مكاسب غير مسبوقة قد تمنحها نفوذا أكبر في رسم السياسات وصناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي.
وتجري عمليات التصويت الأحد في حوالي عشرين دولة لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي، في ختام ماراثون انتخابي قد يعيد تشكيل التوازنات السياسية في البرلمان الأوروبي.
ودعي أكثر من 360 مليون أوروبي للإدلاء بأصواتهم لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، في انتخابات انطلقت في هولندا الخميس وفي دول أخرى يومي الجمعة والسبت.
وسيتم الإدلاء بالجزء الأكبر من الأصوات في الاتحاد الأوروبي، الأحد، حيث تفتح فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا مراكز التصويت، بينما تجري إيطاليا يوما ثانيا من التصويت.
مجموعات البرلمان الأوروبي
ويعد البرلمان الأوروبي أحد الكيانات الثلاثة الرئيسية بالاتحاد الأوروبي، إلى جانب المجلس الأوروبي الذي يبقى أعلى هيئة بالتكتل، ويضم رؤساء الدول والحكومات، ومجلس الاتحاد الأوروبي الذي يعرف كذلك بالمجلس الوزاري، والذي يضم ممثلين وزاريين مختصين عن كل بلد.
ولكل دولة من الدول الأعضاء عدد من المقاعد البرلمانية يتناسب مع عدد سكانها. وينقسم الأعضاء داخل الاتحاد إلى فرق ومجموعات برلمانية بناء على توجهات البرلمانيين وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية.
وبعد انتهاء الانتخابات في أوروبا، ستسعى الأحزاب السياسية إلى تعزيز التحالفات القائمة وتشكيل تحالفات جديدة.
وتقوم معظم الأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي بتشكيل تحالفات مع بعضها البعض، مكونة مجموعات أكبر مع أولئك الذين يتشاركون نفس الأيديولوجيا. ومن المتوقع أن تهز انتخابات هذا العام المشهد السياسي للبرلمان مع توقعات بزيادة في دعم الأحزاب اليمينية المتشددة مما سيعزز المجموعات القومية واليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، ستبحث الأحزاب الجديدة في البرلمان الأوروبي عن مجموعات للانضمام إليها، وبعض الأحزاب التي أعيد انتخابها تبحث أيضا عن تحالفات جديدة.
خارطة التحالفات
1. حزب الشعب الأوروبي (EPP)
يمثل أكبر تجمع سياسي، وموقعه أقرب إلى يمين الوسط. ويضم أحزاب كبيرة مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني (CDU) و”منصة المواطنين” البولندية. ويحظى بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، ومن المتوقع أن يحتفظ بموقعه كأكبر مجموعة في البرلمان القادم.
2. التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D)
يشار إلى هذه المجموعة عادة باسم الاشتراكيين والديمقراطيين، وهي ثاني أكبر مجموعة. وتضم أحزابا مثل الحزب الاشتراكي الإسباني والحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني.
3. كتلة “تجديد أوروبا”
تجمع هذه المجموعة بين الأحزاب الوسطية والليبرالية، بما في ذلك حزب “النهضة” الذي يقوده، إيمانويل ماكرون. ومن المتوقع أن تخسر مقاعد في الانتخابات.
4. المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR)
تبقى المجموعة التي تحدث عنها محللون وصحفيون وسياسيون أكثر من غيرها خلال الأسابيع الماضية، وفقا لصحيفة “الغارديان”، التي أشارت إلى نقاش حول ما إذا كان يمين الوسط سيفتح الباب لمزيد من التعاون مع بعض أعضائها على الأقل.
وتضم هذه المجموعة، أحزابا مثل “إخوة إيطاليا” بقيادة، جورجيا ميلوني، وحزب “القانون والعدالة” المحافظ البولندي، إضافة إلى تجمعات مثل “فوكس” اليميني المتطرف الإسباني وحزب “استعادة فرنسا”، الذي أسسه، إريك زمور.
5. الهوية والديمقراطية (ID)
ويتشكل ائتلاف “آي دي”، من مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة، بما في ذلك “التجمع الوطني الفرنسي” بزعامة، مارين لوبان، وحزب الحرية النمساوي و”فلامس بيلانغ” البلجيكي. وفي مايو، تم طرد حزب “البديل الألماني” من المجموعة بعد سلسلة من الفضائح.
6. الخضر
ومن المتوقع أن تخسر مجموعة الخضر، التي تضم أعضاء مثل الخضر الألمان، مقاعد في هذه الانتخابات.
7. اليسار
تضم هذه المجموعة أعضاء مثل “فرنسا الأبية” الذي يقوده، جون جاك ميلانشون، و”شين فين” الأيرلندي.
اليمين المتطرف يتجه لـ”اجتياح” برلمان أوروبا.. ما التداعيات على القارة؟
مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، يظهر أن الساحة السياسية الأوروبية على موعد مع “تحول جذري” قد يعيد رسم خارطة سياسات الاتحاد الأوروبي وتوازن القوى بداخل أروقته، في ظل تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في أغلب أنحاء القارة وتوقعات تحقيقها مكاسب تاريخية في الاستحقاقات المقبلة.
استطلاعات الرأي
وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر الليبراليون والخضر المؤيدون لأوروبا مقاعدهم، مما يقلل أغلبية يمين الوسط ويسار الوسط ويعقد الجهود الرامية إلى إقرار قوانين جديدة للاتحاد الأوروبي أو زيادة التكامل الأوروبي.
وتضرر العديد من الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة، وتساورهم مخاوف بشأن الهجرة وتكلفة التحول الأخضر، ويشعرون بالانزعاج بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، فقا لرويترز.
ويبدو أن حزب الخضر الأوروبي سيكون من بين أكبر الخاسرين في الانتخابات.
ويواجه الحزب رد فعل عنيفا من جانب الأسر والمزارعين وقطاع الزراعة الذي يعاني من ضغوط شديدة بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي باهظة التكاليف التي تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
والتوقعات بالنسبة لكتلة “تجديد أوروبا” الليبرالية قاتمة أيضا، نظرا للتوقعات بأن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، سيهزم حزب إيمانويل ماكرون في فرنسا.
وذكرت صحيفة بوليتيكو، أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يتجه للحصول على ثلث الأصوات، وهو ما يزيد عن ضعف الدعم الذي يحظى به أقرب منافسيه.
وفي ألمانيا، وعلى الرغم من سلسلة من الفضائح، يتجه حزب البديل لألمانيا (AfD) إلى احتلال المركز الثاني، متفوقًا على جميع الشركاء في الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتز.
أما في إيطاليا، يحلّق حزب إخوة إيطاليا الذي تقوده رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بعيدا عن بقية الأحزاب المنافسة.
وفي النمسا، يمكن أن يمهد فوز حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف الطريق لانتصار في الانتخابات العامة للبلاد في أكتوبر.
وسيواجه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أصعب اختبار له منذ سنوات أمام زعيم المعارضة الجديد، بيتر ماجيار. ومن المتوقع أن يخسر حزبه “فيدس” ثلاثة من مقاعده الـ 12. وقد تضر نتيجة أسوأ من ذلك بطموحه في قيادة اتحاد للأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا، وفقا لـ”فاينانشال تايمز“.
ومع توقع نتائج مماثلة في العديد من الدول الأصغر في الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يضم البرلمان الأوروبي المقبل عددا أكبر من الأعضاء المنتمين إلى اليمين المتطرف مقارنة بالقوة المهيمنة تاريخيا في البرلمان، وهي تكتل الشعب الأوروبي المحافظ التقليدي، وفقا لبوليتيكو.
الحسابات والتداعيات المرتقبة
وفشل اليمين الأوروبي حتى الآن في تشكيل “مجموعة عملاقة”، حيث أن أعضاءه منقسمون، لا سيما فيما يتعلق بروسيا ومدى مشاركتهم في العمل التشريعي أو الاكتفاء بمعارضته بشكل منهجي ومتواصل، وفقا لصحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وكانت مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) تقليديا مؤيدة لروسيا وتفضل مغادرة الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، مع سعي لوبان وغيرها من السياسيين في المجموعة لاستقطاب الناخبين في الانتخابات الوطنية المقبلة، فقد عدّلوا خطابهم.
وتطمح لوبان تشكيل مجموعة كبرى مع حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) بقيادة ميلوني، وأعضاء من الحزب الحاكم المجري فيدس، الذين تم استبعادهم من حزب الشعب الأوروبي (EPP) ولم ينضموا إلى أي مجموعة أخرى في البرلمان المنتهية ولايته.
وبينما من المرجح أن تظل الأحزاب الشعبوية والقومية في أوروبا مفككة للغاية بحيث لا تستطيع ممارسة نفوذ صريح بعد فرز الأصوات، مساء الأحد، فإن مجرد حقيقة نجاحها ستؤدي إلى “اضطراب سياسي”، وفقا للصحيفة التي شددت على أن “نتائج البرلمان الأوروبي تعد، في نهاية المطاف، بمثابة مؤشر لتوجه السياسة الوطنية في بعض العواصم الأوروبية الأكثر أهمية”.
وقبل خمس سنوات، أدت “الموجة الخضراء” في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019 إلى دفع قادة القارة نحو إطلاق إعادة هيكلة تاريخية للاقتصاد تهدف إلى جعل الاتحاد الأوروبي محايدا مناخيا بحلول عام 2050. أما هذا العام، فيتدفق المد في الاتجاه المعاكس.
ومن المتوقع أن يكون للنجاح الكبير الذي تحققه الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي كانت تُعتبر في السابق شديدة الخطورة لدرجة تجعل التعاون معها أمرا مستحيلا، تأثير أعمق وأشمل على المشهد السياسي الأوروبي.
قراءة في صعود اليمين المتطرف
وذكر تقرير لصحيفة “بولتيكو”، أن على الرغم من تنوع تيارات اليمين الراديكالي، إلا أنها تتقاسم رؤية للعالم تتمحور حول الدولة القومية العرقية، والعداء تجاه المهاجرين، لا سيما المسلمين منهم، والتشكيك في حيال المنظمات فوق الوطنية كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وأحيانًا حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويتبنى بعض سياسيي اليمين المتطرف الليبرالية الاقتصادية، لكن غالبيتهم يفضلون دولة قوية وحامية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمن تعتبرهم مواطنين حقيقيين.
وبغض النظر عن الانقسامات الداخلية التي تعصف بهذه الأحزاب المتحمسة، يشير تقرير “بوليتيكو” أيضا أن روسيا نقطة الخلاف الأبرز. فبينما تعد بعض الأحزاب، كالبديل من أجل ألمانيا (AfD) أو حزب الحرية النمساوي، من أنصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الصريحين، فإن أحزابا أخرى كإخوة إيطاليا والقانون والعدالة البولندي، تقف في مقدمة معارضيه، إما عن قناعة أو لأسباب براغماتية.
ومع انتقال اليمين الراديكالي من الهوامش إلى مركز الواجهة، بات يستقطب أصوات شرائح واسعة من المجتمع.
وتشمل قاعدة مؤيديه مزارعين وعمالًا يحمّلون سياسات الاتحاد الأوروبي مسؤولية تدهور أوضاعهم المعيشية، وناخبين من الطبقة الوسطى قلقين إزاء الهجرة وتآكل ما يعتبرونه قيمًا تقليدية. كما يستقطب بشكل متزايد شبابا يشعرون بالقلق حيال ارتفاع تكاليف المعيشة، أو منبهرين ببساطة بكل جديد.
وتلعب الهجرة دورا محوريا في جاذبية اليمين الراديكالي، إلى جانب قضايا الحرب الثقافية كالإجهاض وحقوق المثليين. ومؤخرا، أضافت الأحزاب الشعبوية الأوروبية الغضب من اللوائح البيئية إلى قائمة القضايا الساخنة التي تتبناها.
ومما يعزز زخم اليمين الراديكالي غياب البدائل الجذابة، وفقا للتقرير الذي أشار إلى أنه “في أوقات عدم الاستقرار التي تتسم بالحروب والأوبئة والغموض الاقتصادي، عادة ما يلجأ الناخبون إلى الأحزاب التقليدية الحاكمة”.
لكن اليوم، تفككت تلك الأحزاب في العديد من البلدان، وتقول الصحيفة. إنه “بعد عقود من الصراع بين اليمين واليسار الأوروبي على الوسط السياسي، انهارا كملاكمين مخمورين، تاركين الساحة مفتوحة لمنافسين جدد”.
وسيترك وصول اليمين الراديكالي إلى الواجهة الأوروبية تأثيرا طويل الأمد. فالولاءات السياسية التي تتشكل في بداية سن الرشد غالبا ما تستمر مدى الحياة.
وعلى عكس الولايات المتحدة، حيث يتركز دعم ترامب وجمهوريي “ماغا” بين كبار السن، تستحوذ التيارات اليمينية في أوروبا على أصوات الشباب، مما يرجح استمرار دعمهم لعقود قادمة.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.