اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:
نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “الناتو وأوروبا في زمن ترامب”
لن تكون عودة الملياردير الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية مجرد مرحلة جديدة بالنسبة للأوروبيين، بل قد تهدد استقرار العلاقة التي تشكل الركيزة الأساسية لأمن القارة العجوز. فقد توعد مرارا بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي (الناتو) العسكري، ولوّح بتشجيع روسيا على فعل “ما تريد” للدول التي لا تفي بالتزاماتها المالية، حينما قال: “لن أحميكم”.
ولعقود طويلة، كان حلف الناتو أساس أمن أوروبا. غير أن الشراكة مع الولايات المتحدة قد تصل إلى مفترق طرق، مع رجوع ترامب إلى البيت الأبيض، إذ يبرز خطر حقيقي لدى الأوروبيين بتراجع الدعم الأميركي لأوكرانيا، لا سيما في خضم حربها مع روسيا.
وإذا ما أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لكييف، ستكون العواقب وخيمة، ليس فقط على الحرب في أوكرانيا، بل أيضا على دفاعات أوروبا ضد ما تسميها تهديدات خارجية، وعلى رأسها روسيا التي تسعى للانتقام، كما يرونها.
برلين في مأزق
وبالطبع، لم تغب عن ذاكرة برلين ما حملته الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب (20 يناير/كانون الثاني 2017 – 20 يناير/كانون الثاني 2021)، حين هدد بسحب آلاف الجنود الأميركيين من ألمانيا بعد “فشلها في الوفاء بالهدف الذي حدده الناتو من ناحية الإنفاق الدفاعي”، مخاطبا الألمان “لا نريد أن نكون مغفلين بعد الآن”.
والآن، تجد ألمانيا نفسها أمام ولاية جديدة للرئيس ترامب، في وقت لم تكن مستعدة فيه تماما لفوزه في السباق الرئاسي، بينما تمر البلاد بمرحلة صعبة، إذ تواجه تحديات اقتصادية متزايدة وتفككا في الائتلاف الحاكم بعد إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، وإعلان المستشار أولاف شولتس إجراء تصويت على الثقة منتصف يناير/كانون الثاني المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في مارس/آذار المقبل.
في السياق، وصفت صحيفة دويتشه فيله الألمانية، عودة ترامب بـ”الكابوس”، خاصة لبرلين التي راهنت على فوز منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
وفي انتقاده للسياسة الألمانية، يشير هينينغ هوف، من الجمعية الألمانية للعلاقات الخارجية، إلى أن برلين أهملت بناء علاقات تواصل مع المعسكر الجمهوري، إذ ركزت على العلاقة الخاصة التي نسجها المستشار شولتس مع الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، ورأى أن هذا الانحياز قد كلف ألمانيا غاليا، إذ إن الوقت قد حان “لكي تدفع ثمن” تجاهلها لأي تواصل مع معسكر ترامب.
وبفوز ترامب، ربما تشكل رؤيته الاقتصادية تهديدا مباشرا للصناعات لألمانية، إذ أعلن خلال حملته نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الواردات الصينية و20% على الواردات من باقي الدول. هذه السياسات -إذا ما طبقت- فإنها ستؤدي حتما إلى رفع أسعار المنتجات الألمانية في الولايات المتحدة، مع تأثير كبير على صناعات مثل السيارات والأدوية، مما يشكل تحديا كبيرا لصادرات ألمانيا، التي تُعد من أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
ليست “فرنسا ديغول”
أما بالنسبة إلى فرنسا، فإن رئيسها إيمانويل ماكرون لا يحمل إرثا ديغوليا (رفض الخضوع للمشيئة الأميركية)، غير أنه يرى أن على أوروبا أن تتخذ موقفا قويا يضمن لها أمنها القاري، وضرورة استقلالها عن الاعتماد على الحماية الأميركية.
وفي محاولة لإظهار جبهة موحدة إزاء عودة ترامب، اجتمع الزعماء الأوروبيون في العاصمة المجرية بودابست قبل أسابيع، لكن المشهد بدا ناقصا مع غياب برلين وشغور مقعدها نتيجة الأزمة الحكومية المتفاقمة في البلاد.
وعاد ماكرون لتحذيراته -خلال اللقاء- كاشفا عن قلقه المتزايد من رجوع ترامب إلى البيت الأبيض. وبتساؤله: “هل سنظل متفرجين على تاريخ يُكتَب بأيدي الآخرين؟ حروب بوتين، والانتخابات الأميركية، وخيارات الصين، أم نريد أن نكتب نحن هذا التاريخ بأنفسنا؟”، أشار الرئيس الفرنسي إلى تحديات حقيقية تهدد الأمن الأوروبي، أظهرها غياب المستشار الألماني شولتس عن الجلسة في لحظة تبحث فيها أوروبا مستقبلها.
وبسبب صعود قوى “سلطوية” وتسابقها بالتسلح على الحدود مع أوروبا، كما وصفها ماكرون، دعا الرئيس الفرنسي عام 2018، إلى عدم الاعتماد على الولايات المتحدة وحدها في مواجهة التهديدات، مطالبا بتأسيس جيش أوروبي موحد للدفاع عن نفسه.
وخلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب، كان الخلاف بينه وبين ماكرون واضحا، إذ تبادلا الانتقادات، وكان أبرزها تنديد ترامب بما وصفه بـ”غباء” ماكرون، مهددا بفرض ضريبة على النبيذ الفرنسي، ردا على الضريبة التي فرضتها فرنسا على شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى.
الوقت ينفد
إن تراخي أوروبا في الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان أمنها، حذرت منه مجلة فورين أفيرز في مقالة تحليلية، إذ أشارت إلى أن القارة كانت في حاجة ماسة إلى استثمار الوقت في تعزيز دفاعاتها الذاتية. ولفتت الصحيفة إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا كانت فرصة ذهبية لبداية تحول حاسم في بناء قوة أمنية أوروبية مستقلة، بيد أن أوروبا اختارت الاعتماد على القيادة الأميركية.
وشددت المجلة الأميركية على أنه لم يعد بإمكان القادة الأوروبيين إلقاء اللوم على واشنطن، بل عليهم أن يتحملوا مسؤولية مستقبلهم الأمني قبل أن فوات الأوان.
وتعهد ترامب مرارا بإنهاء الحرب في أوكرانيا، ووصفها بأنها “أحجية معقدة”. وذهب إلى حد التأكيد أنه يمكنه وضع حد للصراع “في غضون 24 ساعة”، متهما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برفض إبرام اتفاق مع موسكو، وبأنه “أفضل بائع في العالم”، في إشارة إلى الأموال التي كان يحصل عليها دعما من إدارة الرئيس جو بايدن.
هواجس أوروبا
تجد أوروبا نفسها غارقة في الهواجس، حيث تخشى من احتمال أن تكون هي الطرف الرئيس الذي سيتعين عليه إدارة صراع كبير على أبوابها لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، إذا ما اتخذ ترامب إجراءات من شأنها تقليص الدعم الأميركي لأوكرانيا.
كما تتخوف أيضا من أن يسعى الرئيس المنتخب إلى التوصل لاتفاق مع الرئيس الروسي بوتين لوقف القتال، وترى أن أي اتفاق ينتج عن مثل هذه المفاوضات سيكون من غير المرجح أن يتضمن حماية كافية لأوكرانيا، وبالتالي لأوروبا ضد أي تهديدات روسية مستقبلا، وتعتبر أن استجابة واشنطن لأهداف موسكو في الحرب سيضر بمصداقية حلف الناتو ويزعزع استقرار الأمن الأوروبي.
وتخشى أوروبا من خطر التورط في صراع تجاري متصاعد بين الولايات المتحدة والصين، فمن المحتمل أن تتعرض لضغوط شديدة من واشنطن لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع بكين، فقد وصف ترامب -خلال حملته الانتخابية- الاتحاد الأوروبي بأنه “صين صغيرة” يستغل حليفه الأميركي عبر تراكم الفوائض التجارية لصالحه.
ضغوط على أوكرانيا
وقبل أيام، أشار تقريران لوكالة بلومبيرغ وصحيفة وول ستريت جورنال إلى أن أوكرانيا تواجه ضغوطا متزايدة من حلفائها لبحث محادثات السلام مع بوتين، حتى لو كان ذلك على حساب إعطاء روسيا بعض الأراضي الأوكرانية.
من ناحيته، يعتقد نوربرت روتغين عضو البرلمان الألماني (بوندستاغ) أن التحدي الآن أمام أوروبا هو الإسراع في تعزيز قدراتها الدفاعية، لكن ذلك يتطلب قيادة سياسية فعالة، وهي غائبة في الوقت الراهن، موضحا -في مقالة بصحيفة فورين أفيرز- أن ألمانيا تواجه أزمة سياسية مع انهيار الحكومة الائتلافية، مما يعني أن الأشهر القادمة ستنشغل في الانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة.
كذلك يرى أن فقدان الرئيس الفرنسي ماكرون للأغلبية البرلمانية خلال الانتخابات الماضية جعله في وضع سياسي ضعيف.
أما الباحث سيباستان مييار من معهد جاك ديلور الفرنسي، فيرى أن “السكين هي فعلا على رقبة الأوروبيين… فإن نتيجة الانتخابات الأميركية تدفع الاتحاد الأوروبي إلى التنبه”.
التزامات مع أوكرانيا وعقوبات لروسيا
وقدمت أوروبا دعما ماليا وعسكريا كبيرا لأوكرانيا، لكنها تواجه مخاوف متزايدة من “انتقام روسي” قد يضعها في اختبار صعب، خاصة إذا وجدت نفسها من دون دعم أميركي.
ووفقا للبيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، بلغ إجمالي الدعم المقدم إلى أوكرانيا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024 نحو 122 مليار يورو، تشمل المساعدات العسكرية والمالية والإنسانية والطوارئ، بالإضافة إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين داخل الاتحاد.
إضافة إلى هذا الدعم، سعت أوروبا إلى عرقلة موسكو وإضعاف قطاعاتها الحيوية، عبر فرض عقوبات على الحكومة الروسية وقطاعاتها المالية والتجارية، والدفاعية، والتكنولوجية، والإعلامية منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، مما يزيد من قلقها من أن تصبح في مواجهة انتقامية قد تضر بمصالحها.
أبرز العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا:
- تجميد أصول أكثر من 2300 فرد وكيان روسي وحظر سفر على بعض الأفراد.
- حظر المعاملات مع شركات عسكرية وصناعية مملوكة للدولة الروسية.
- فصل 10 من أبرز المؤسسات المالية الروسية، بما في ذلك “سبيربنك”، أكبر بنك في روسيا، عن نظام “سويفت” العالمي.
- توسيع وتشديد الرقابة على صادرات السلع والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج (المدني والعسكري) إلى روسيا.
- حظر صادرات محددة في قطاعات الطيران والبحرية والتكنولوجيا، مثل أشباه الموصلات، ومحركات الطائرات من دون طيار، والسلع الفاخرة.
- حظر واردات الصلب، والمشروبات الكحولية، والمأكولات البحرية، والذهب، والألماس، وغيرها من المنتجات.
- إغلاق الأجواء الأوروبية والموانئ البحرية والطرق أمام المشغلين الروس.
- تعليق أنشطة البث لـ18 وسيلة إعلامية روسية.
- حظر معظم واردات النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية (يشمل حوالي 90% من واردات النفط الروسي)، مع استثناء النفط الخام المنقول عبر الأنابيب.
- حظر على الشركات الأوروبية من تقديم خدمات نقل النفط، باستثناء النفط الروسي المبيع للدول غير الأوروبية.
تظهر هذه العقوبات مدى حرص الاتحاد الأوروبي على تصعيد الضغط الاقتصادي والسياسي ضد روسيا، في إطار سعيه لدعم أوكرانيا وحماية الاستقرار الأوروبي من التداعيات الخطيرة للصراع، على حد قول قادته.
وتجد أوروبا نفسها في حالة من القلق العميق بشأن مستقبل علاقاتها مع واشنطن في زمن ترامب. من هنا، يشير بول تايلور، كاتب العمود في صحيفة غارديان، إلى أن هذا الفوز يُعد خبرا سيئا لأوروبا، لكن يبقى السؤال الأكبر: “إلى أي مدى يمكن للأمور أن تسوء؟”.
من المتوقع أن تؤدي فترة رئاسة ترامب إلى حالة من الغموض بشأن مستقبل حلف الناتو، ورغم أن الكونغرس قد أقر قانونا يصعّب من عملية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، فإن لا شيء يمكن أن يمنع ترامب من تنفيذ ما توعد به مرارا، خاصة أنه هدد بحمل “العصا الروسية” فوق رؤوس الدول التي لا تفي بتعهداتها المالية.
الجدير بالذكر أن خبر “الناتو وأوروبا في زمن ترامب” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.