باريس- قرر نشطاء ومنظمات رفع العلم الفلسطيني في جميع أنحاء فرنسا تنديدا بما سموها “ألعاب العار الأولمبية باريس 2024″، وذلك بعد إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون ترحيبه بالرياضيين الإسرائيليين فيها ورفض اللجنة المنظمة رفع العلم الفلسطيني أثناء مسيرة الشعلة الأولمبية رغم وجود وفد فلسطيني مشارك في المنافسات.
وتحت عنوان “علم التحرير” تهدف هذه المبادرة -التي تشرف عليها بشكل أساسي منظمة “السترات البيضاء من أجل غزة” و”أورو- فلسطين”- إلى إظهار علم فلسطين باعتباره رمزا للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وصمود الشعب الفلسطيني.
وانطلقت صباح اليوم الخميس مسيرة حاملي العلم من العاصمة باريس نحو مدن فرنسية عدة، وسيتم تسليمه يدا بيد في مراحل وأشكال مختلفة تتراوح بين المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات والقطار.
نقطة الانطلاق
وقد تم تنظيم مظاهرة حاشدة مساء أمس الأربعاء في ساحة الجمهورية بباريس للإعلان عن انطلاق مبادرة “جولة فرنسا لعلم التحرير” كدليل على التضامن والمقاومة مع الشعب الفلسطيني في وجه القمع والاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الإطار، أوضح عضو منظمة “السترات البيضاء من أجل غزة” سيباستيان وايلدمان أن حاملي العلم قاموا بجولة قصيرة في العاصمة طوال يوم أمس كونها المحطة الأولى قبل المغادرة اليوم على الساعة السادسة والنصف صباحا لبدء الجولة في كل المدن الفرنسية.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف وايلدمان أن الناشطين الداعمين لفلسطين سيحملون العلم سيرا على الأقدام وبالدراجات والقوارب، كما أنهم سيصلون إلى سويسرا للوقوف أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف، قبل العودة مجددا إلى باريس في 8 سبتمبر/أيلول المقبل بالتزامن مع أول وقفة احتجاجية سيتم تنظيمها بعد انتهاء عطلة الصيف.
يذكر أن أعضاء هذه المنظمة كانوا السباقين لإنجاز هذه الفكرة على أرض الواقع، كما شارك بعض أفرادها ضمن وفود طبية سافرت إلى قطاع غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 للعمل بالمستشفيات والمساعدة في علاج الجرحى.
رمز للمقاومة والتحرير
وسيقوم المشاركون بتمرير العلم الفلسطيني من يد إلى أخرى وفق أنشطة بدنية مختلفة مع الحفاظ على الهدف السياسي المتمثل في التنديد والتوعية.
وسيكون لكل منطقة جغرافية (إيل دو فرانس، ألواز، الشمال الشرقي، الرون ألب، بريتاني، نورماندي، وغيرها) جدول زمني خاص بها وترتيبات محددة.
ولفتت إيمان معرفي -وهي ممرضة فرنسية عائدة من غزة- إلى أنها تشارك في المبادرة للتعبير عن تضامنها مع سكان غزة وللتأكيد على أن العلم الفلسطيني هو علامة المقاومة ضد القمع الاستعماري والاحتلال الإسرائيلي، ولتوحيد أصواتهم حول القضية الفلسطينية “لأن تحرير فلسطين يتجاوز كل الحدود الجغرافية لأنه شأن عالمي”.
وتحدثت للجزيرة نت عن التضييقات التي واجهها كل المتعاطفين مع القضية، إذ تم “قمعهم وتغريمهم خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس بسبب رفع العلم، أو حتى لارتدائهم ملابس ترمز للمقاومة، مثل الدبوس على شكل بطيخ”.
من جانبها، أكدت رئيسة منظمة “أوروـ فلسطين” أوليفيا زيمور وقوع هذا الحظر “غير المبرر” الذي تعرض له الناشطون أثناء الأولمبياد.
وقالت “كان لدى فرنسا الحق في حمل الشعلة الأولمبية وتنظيم ألعاب العار مع دعوة إسرائيل وسط الإبادة الجماعية، لكننا سئمنا المنع والاعتقالات التي واجهناها في كل مكان خلال تلك الفترة في الملاعب وأثناء المباريات والمنافسات المختلفة التي شهدت مشاركة الفرق الإسرائيلية”.
وشجعت زيمور في حديثها للجزيرة نت الشعب الفرنسي على المشاركة ودعم المبادرة من خلال وضع العلم على نوافذ المنازل والترحيب بالمشاة والعدائين وراكبي الدراجات عند وصولهم إلى المدن “للتأكيد على ضرورة ومنطقية إبراز رمز المقاومة في كل مكان”.
تضامن غير مشروط
وتهدف مسيرة العلم الفلسطيني في المقام الأول إلى رفع مستوى الوعي العام بالوضع المتأزم في فلسطين، وفي قطاع غزة خصوصا، فضلا عن إظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني بعد أن تم الترحيب بالوفد الإسرائيلي في دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 رغم كل الاحتجاجات والجدل الذي صاحب ذلك.
وتقول الممرضة إيمان معرفي وهي تحاول حبس دموعها لاسترجاعها تفاصيل ما عاشته في مستشفيات غزة وسط الحرب والدمار “كثيرا ما أقول إنه كان لي الشرف في أن أكون جزءا من البعثة الفرنسية الأولى التي تمكنت من العودة إلى غزة بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، والحقيقة أن قلبي بقي هناك وسيظل فلسطينيا إلى الأبد”.
وعن سبب مشاركتها ضمن مجموعة حاملي العلم في فرنسا، أوضحت معرفي أن ذلك يعود إلى رغبتها الشديدة في تخليد ذكرى مقدمي الرعاية والمدنيين الذين التقت بهم في غزة وفقدوا حياتهم، وجميع زملائها الذي يعملون حتى الآن يعانون من الإرهاق الشديد ويبذلون أقصى جهدهم لمساعدة المصابين والبقاء على قيد الحياة.
وتابعت معرفي “أعلم أنه لا يمكننا التوصل إلى وقف إطلاق النار من خلال هذه المظاهرة، لكني آمل أن تجلب بعض الراحة إلى قلوب الفلسطينيين وليكونوا على يقين أن دعمنا ثابت وغير مشروط حتى تحرير فلسطين”.
بدورها، ترى رئيسة منظمة “أوروـ فلسطين” أن الحكومة الفرنسية تعتقد أن الناس لم يعودوا مهتمين بفلسطين، لأن وسائل الإعلام المحلية لا تتحدث عن الإبادة الجماعية أو المجازر في قطاع غزة.
لكن الحقيقة -تضيف- هي أن الناس يتفاعلون دائما وينظمون احتجاجات في جميع المدن الفرنسية الكبرى، وبينما صمت المسؤولون بذريعة الألعاب الأولمبية يحاولون اليوم الاستمرار في تشتيت الانتباه من خلال التركيز على الألعاب البارالمبية، وهذا التكتيك لن ينجح”، على حد تعبيرها.
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.