العزيمة مش مجرد فيلم.. تعرف على قصة نجاحه وأجور الممثلين.. النابلسي 5 جنيهات
أدب وثقافة

العزيمة مش مجرد فيلم.. تعرف على قصة نجاحه وأجور الممثلين.. النابلسي 5 جنيهات

اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:


تحتوى مذكرات المخرج الكبير صلاح أبو سيف، والتي صاغها الكاتب عادل حمودة، على عدد من التفاصيل المهمة، بحيث تقدم المذكرات شهادة حقيقية على تاريخ السينما المصرية منذ بدايتها، ومن ذلك ما حدث في أحد أهم الأفلام المصرية وهو “العزيمة” الذي صدر في سنة 1939.


 


يقول صلاح أبو سيف: كان مدير “استديو مصر” في ذلك الوقت هو فؤاد سلطان، وكان أيضًا رئيس مجلس إدارة “بنك مصر”، وكان مسافرًا خارج البلاد وعندما عاد وجد كل شيء على غير ما يرام؛ لا إنتاج.. لا من مونتاج.. لا ديكور.. لا تصوير؛ فأحسّ بأن الاستديو على وشك الإفلاس وطلب بسرعة تنفيذ أي سيناريوهات جاهزة، فقال أحمد بدرخان: عندنا سيناريو اسمه “الحارة” كتبه كمال سليم قبل أن يتركنا… وسأل فؤاد سلطان: ولماذا تركنا كمال سليم؟


‫وكانت الإجابة:


‫ – إنه فنان وكاتب سيناريو ومخرج ينشد الكمال ويرفض تدخل الإدارة في عمله الفني وعندما زادت الضغوط عليه ترك الاستديو.

ولماذا رُفض السيناريو الذي كتبه (سيناريو الحارة)؟

‫ – السيناريو تدور أحداثه في حارة، وهذا لم يحدث من قبل؛ لقد تعوّد المتفرج على رؤية القصور والكباريهات، فكيف يلقي به في الحارة؟

‫ – ومَن الذي رفضه؟

‫ – فريتز كرامب… وقد قال إننا لو أنتجنا هذا الفيلم سنُشهر إفلاسنا.

‫ – ولكننا سنشهر إفلاسنا أيضًا لو لم ننتجه.

‫ – النتيجة واحدة!

‫ – ما دمنا ندفع أجور العاملين فلنصور الفيلم، فمهما حدث فلن يكون الأمرأسوأ

مما نحن عليه، ولكن بشرط تغيير اسم الفيلم… “بلاش اسم الحارة”.

‫ وهكذا أصبح اسم الفيلم “العزيمة” واختارني كمال سليم مساعدًا، فقويت صداقتنا بالعمل، ولكن الجبهة الأخرى التي يتزعمها الألمان شنّت علينا حربًا نفسية حادة… اتهمونا بالفشل قبل أن نبدأ ووصفونا بأننا شلة نظريين، وقالوا إننا لا نعرف سوى النظريات وإننا بلا خبرة فنية تؤهّلنا لعمل فيلم… حرب شرسة بالفعل، وتركونا نبدأ على أمل أن نتعثر ويتوقف العمل ثم يتدخلون لإنقاذه، ولكنّ ذلك لم يحدث.





‫ لقد كان “العزيمة” حجر زاوية الواقعية في السينما المصرية… كانت ضربة البداية في مشوار هذا التيار الذي وُلدت بعملية قيصرية ثم ساد بعد ذلك وفرض نفسه… قبل «العزيمة» كانت السينما تدور في القصور والبارات وكان أبطالها باشوات يلبسون “السموكنج” و”الفرال”… وكان لا بد من غسل الشوارع قبل التصوير… فكانت المرة الأولى في فيلم “العزيمة” التي تصوَّر حارة، والمرة الأولى التي نرى فيها على الشاشة المزيّن والحانوتي والجزار وبنت البلد والحياة الخلفية، الخفية للقاهرة، وكان واضحًا في سير الإنتاج أن الفيلم يسير بخطوات متتالية، وهذا ما أزعج الجبهة الأخرى التي سعت إلى تأليب فريتز كرامب على كمال سليم ليتسلم الفيلم منه ويحدث ما حدث مع أحمد بدرخان في فيلم “وداد”… بدأوا يدّعون أن الوقت طال، وأن الميزانية زادت وأن الفيلم أخذ أكثر من اللازم… فكان أن تحولت الحرب النفسية إلى حرب ساخنة.


‫ كانوا يريدون طرد كمال سليم من الفيلم بأي ثمن وبأي وسيلة. ولأنهم يعرفون أنه شديد الإحساس بنفسه فقد قرروا استفزازه؛ وفي أثناء تصوير مَشاهد  المولد والفتوات، جاؤوا إلى البلاتوه كأنهم يفتِّشون عليه، وكان كمال سليم فوق سلّم الكاميرا عندما فوجئنا بفريتز كرامب يكلّمه بلهجة لا تخلو من الازدراء والسخرية، وانفجرت مشادّة حادة باللغة الألمانية بينهما… فلم يتمالك كمال سليم نفسه وأمسك بالكرسي الذي يجلس عليه ورماه ناحية كرامب، ورأى الفتوات الذين يصوّرون المشهد أن الخواجة الألماني تسبب في مضايقة المخرج فالتفوا حوله ليضربوه؛ لكنه جرى بسرعة، وفي اليوم التالي قدم شكوى للإدارة بما حدث، وأضاف أن الاستمرار في إنتاج هذا الفيلم سيفلس الاستديو.


واجتمعنا، أنصار كمال سليم، لنجد حلًا: أحمد خورشيد ومحمد عبد الجواد وعلي عابد وأنا… كان كل همّنا ألا يحدث مع كمال سليم ما حدث مع أحمد بدرخان، وكان هدفنا أن يكمل كمال سليم الفيلم… لم نجد مفرًّا من التفكير في قتل فريتز كرامب… وتساءلنا: مَن الذي سيقتله؟ ووقع اختيارهم عليَّ لهذه المهمة… وبدأنا نرسم الخطة ونحدد الوقت… وكيفية الحصول على المسدس. وبينما نحن نضع الخطة كانت لجنة من “بنك مصر” تراجع الشكوى والمصاريف فوجدت أنه لا تجاوزات كما قال أو ادّعى كرامب في شكواه.

العزيمة
العزيمة


‏في ذلك الوقت جاء أندريه فينيو، وكان متعاطفًا مع كمال سليم ومع الفيلم، وحدث أن صوّرنا بعض المشاهد التي لم تظهر جيدًا عند التحميض، فقررنا أن نعيد تصويرها، وهذا أمر معتاد ولكننا فوجئنا بموظف في الاستديو يستدعي فينيو كأننا ارتكبنا جريمة، ولكن الرجل وبَّخ الموظف، وأكد له أن ذلك من طباع العمل السينمائي وأنه لا جريمة ولا عقاب ‫ كانوا يتصيدون الأخطاء مهما كانت صغيرة، وكان لا يكفُّون عن توقع الفشل وكانتأشهر عباراتهم: “ومن المجنون الذي يدفع فلوسه للفرجة على حارة وفقر وقذارة؟” ولكن المفاجأة أن الجمهور أقبل على الفيلم وحقق إيرادات مذهلة بمقاييس ذلك الوقت، وقد وصلت هذه الإيرادات خلال 30 سنة إلى ربع مليون جنيه،  في حين أن تكاليف إنتاجه كانت 9000 جنيه، وكان متوسط إنتاج الفيلم نحو 50000 جنيه، وسبب انخفاض الميزانية أن معظم العاملين في الفيلم كانوا موظفين يتقاضون رواتبهم الشهرية أماالنجوم فكانوا في بداية حياتهم الفنية: تقاضت فاطمة رشدي 160 جنيهًا، وتقاضى حسين صدقي 80 جنيهًا، وزكي رستم 50 جنيهًا، وماري منيب 25 جنيهًا، وأنور وجدي 20 جنيهًا، وعبد السلام النابلسي 5 جنيهات.


أما بقية العاملين في الفيلم فكانوا يعملون باليومية، وكان أكبر أجر دُفع للمطرب محمد الكحلاوي هو جنيهين ونصف بواقع 50 قرشًا في اليوم، وكل من مختار عثمان وأحمد شكري جنيهان، والسيد بدير وعزت الجاهلي جنيه واحد. وكانت يومية كثير من العاملين في الفيلم في أدوار كومبارس 25 مليمًا، وتقاضى هذا الأجر كل من سامية جمال ولولا صدقي وكلاريت صدقي وفتحية محمود ونعيمة عبده وفتحية شاهين واعتدال شاهين. ومن الرجال عبد العزيز أحمد وحسن حلمي وصلاح نظمي وشفيق نور الدين وعبد الغني النجدي.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading