اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:
حين يُذكر تاج محل تتبادر إلى الأذهان صورة ذلك الضريح الأبيض الساحر الذى شيده الإمبراطور المغولى شاه جهان تخليدًا لذكرى زوجته المحبوبة ممتاز محل، لم يكن ذلك الضريح مجرد مقبرة، بل كان رمزًا خالدًا للحب والوفاء، حتى أصبح إحدى عجائب الدنيا السبع الحديثة، ودليلًا بصريًا على أن الحب قد يُخلّد في الأحجار والمعمار.
لكن هل كانت فكرة تخليد الحب بالمباني العظيمة ابتكارًا مغوليًا؟ أم أن المصريين القدماء كانوا أصحاب الريادة في التعبير عن الحب والوفاء بالحجر قبل تاج محل بآلاف السنين؟
يبدو أن فكرة الوفاء للزوجة وتخليد ذكراها من خلال المباني الضخمة ليست جديدة، ولم يبتكرها جهان شاه، بل تمتد جذورها إلى الحضارة المصرية القديمة، حيث كان رمسيس الثاني، أحد أعظم ملوك الفراعنة، هو النموذج الأقدم والأكثر وضوحًا لهذا النوع من الحب.
في جنوب مصر، تحديدًا في محافظة أسوان، لا تزال شواهد الحب قائمة في صورة المعابد التي بناها رمسيس الثاني لزوجته المحبوبة نفرتاري، وأبرز هذه المعابد معبد أبو سمبل العظيم، الذي شيّده خصيصًا لنفرتاري، حيث حملت واجهته نقشًا خالدًا يقول فيه الملك: “من أجل الزوجة الملكية العظمى نفرتاري مريموت، التي تشرق الشمس من أجلها”.
هذا التعبير العاطفي، المحفور في الصخر، يكشف مدى حب رمسيس الثاني لنفرتاري، ويؤكد أن الملوك المصريين كانوا يعبرون عن مشاعرهم العميقة من خلال المعمار والآثار التي تتحدى الزمن، تمامًا كما فعل شاه جهان لاحقًا.
لكن ما يميز التجربة المصرية في تخليد الحب هو أنها لم تكن مجرد بناء واحد أو استثناءً في تاريخ مصر، بل كانت نهجًا حضاريًا متأصلًا، فالفراعنة لم يتركوا فقط مقابر ضخمة للملوك والملكات، بل شيّدوا معابد، مسلات، وتماثيل تعبر عن مشاعرهم وتخليدهم لمن يحبون.
حتى في المعمار الملكى المصرى، كان للزوجة والمحبوبة مكانة واضحة، حيث ظهرت تماثيل الملكات إلى جانب الملوك بنفس الضخامة والهيبة، وهو ما يعكس تقديرًا راسخًا للحب والشراكة، ويؤكد أن المصرى القديم لم يكن مجرد محارب أو قائد عظيم، بل كان أيضًا عاشقًا يُخلّد مشاعره بحجر لا يفنى.
ورغم أن تاج محل أصبح أشهر رموز الحب المعمارية في العالم، إلا أن الحقيقة التاريخية تقول إن المصريين القدماء سبقوا الفكرة بآلاف السنين، ربما لم يكن هناك “تاج محل فرعوني” بمفهوم الضريح، لكن معبد نفرتاري في أبو سمبل وغيره من المعابد المصرية هي الترجمة الأقدم والأكثر حيوية لفكرة تخليد الحب بالحجر، لتبقى مصر كما كانت دائمًا، رائدة في كل أشكال الفن، حتى في التعبير عن الحب.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.