اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:
نشر الموقع الرسمي لجائزة نوبل حوارًا مع الروائية البولندية، أولجا توكارتشوك، الحاصلة على جائزة نوبل للآداب لعام 2018، تحدثت فيه عن معنى الصحة النفسية بالنسبة لها، وكيف ترتبط لديها مفهوم الأدب والصحة العقلية، وما تعلمته من العمل كطبيبة نفسية؟، وذلك على هامش مشاركتها في حوار أسبوع نوبل 2024 حول “مستقبل الصحة” والمقرر انطلاقه يوم 9 ديسمبر الحالي، والذى يتخلله حفل تسليم جوائز نوبل العالمية، والتى تم الإعلان عنها فى أكتوبر من العام الحالي.
وقالت “أولجا”، إنها اهتمت بالجانب النفسي في الأدب، وأن الكتب والروايات هي التي فتحت عينيها على عالم علم نفس الهائل بأكمله، وعلى تنوع ردود الفعل تجاه هذا العالم، والمعاناة، والشعور بالاغتراب.
وحول الكتاب الأساسى الذى جعلها تهتم بعلم النفس، أوضحت أولجا توكارتشوك، أن كتاب “ما فوق مبدأ اللذة” لعالم النفس الشهير سيجموند فرويد، والذى يتحدث عن التحليل النفسى، مشيرة إلى أن نهج صاحب “ثلاثة مباحث في نظرية الجنس” أذهلها، ومنه أدركت أن الثقافة هي فن التفسير، والتحليل النفسي يجلب هذه الأداة إلى الكمال، والأهم من ذلك، يشجعنا على التفكير بطريقة متعددة الأوجه.
وأعترفت صاحبة نوبل في الآداب 2018 أنها كنت مهتمة بنظرية علم النفس أكثر من العمل مع الناس، لافتة إلى أنها أجرت دراسات في علم النفس خلال فترة تاريخية وفوضوية في تاريخ بولندا مع حركة التضامن وإضراب البلاد ضد السلطات الشيوعية، كانت الميليشيات تقوم بدوريات في وارسو، وقد كتبت أنك رأت مدى تأثير الموقف على المرضى، وإلى أي مدى تعتقد أن “حالة الصحة” في بلد ما مرتبطة بحالة الصحة بين المواطنين بالتأكيد إنها مرتبطة، موضحة أن شيئًا مثل “الشخصية الجماعية” تتشكل، فالمجتمعات تختلف وفقًا للصدمات التي تعرضت لها، والحروب التى خسرتها وربحتها، والأنظمة السياسية والاقتصادية.
وأردفت أولجا، أن تمارس التقاليد الأخلاقية أو الدينية تمارس أيضا ضغطًا معينًا علينا وتؤثر على عقليتنا في التاريخ، وتابعت أنها مفتونة بما يسمى بالمدة الطويلة، مشيرة إلى إنه مفهوم يصف العمليات التاريخية الطويلة الأمد التي تشكل ليس فقط روح العصر، بل وأيضًا روح الجماعة، كيف نتعامل مع الأزمة، وما إذا كان لدينا شعور بقيمتنا الجماعية، وهويتنا الخاصة وما إلى ذلك.
عندما كنت أكبر وأبلغ مرحلة النضج، كانت بلدي في حالة يرثى لها من حيث السياسة والاقتصاد، كان مستوى الخوف وعدم اليقين بشأن المستقبل مرتفعًا للغاية. أعتقد أنه كان هناك نوع من الاكتئاب الجماعي في الهواء. لكن الناس سعوا إلى المساعدة من بعضهم البعض. ربما هكذا نشأت حركة التضامن. أثبتت هذه الطريقة في التجمع معًا، والبحث عن المجتمع، ودعم بعضنا البعض أنها مصدر للتغييرات السياسية العظيمة.
وفيما يخص الأشياء التي تعلمتها من علم النفس، قالت أن الاستماع إلى الناس بعناية، والاستماع إلى نظرتهم إلى تاريخهم الشخصي، كما علمها علم النفس أيضًا أن هناك طرقًا عديدة للنظر إلى نفس الشيء، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون متناغمة، ولكن في بعض الحالات من المستحيل تنسيقها، مشيرة إلى أنه يمكن أن يكون هذا ميزة، ولكن أيضًا نقمة، الواقع هو شيء يتم تنسيقه باستمرار، قصة تتشكل أمام أعيننا، ويمكن تمزيقها وإعادة تشكيلها، اعتمادًا على احتياجاتنا.
وحول العلاقة بين الأدب وعلم النفس، ترى “أولجا”، أن الكتابة وعلم النفس ليسا في تناقض، إنه أشبه باستمرارية، كلاهما يستكشف عالمنا الداخلي وإسقاطاته على العالم الخارجي، هذا هو جوهر الأدب، كما أراه، ويتبع العديد من الكتاب هذا النهج دون الحاجة إلى دراسة علم النفس على الإطلاق، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الأدب معالج عظيم، ليس فقط لأنه يصرف انتباهنا عن مشاكلنا الحالية، وعن الإفراط في التحفيز والفوضى، ولكن قبل كل شيء لأنه يوسع وعينا، بعد كل كتاب نقرأه، نصبح أعظم، ونتمتع بنطاق أوسع، ونفهم ونشعر أكثر، لافتة إلى أن الأدب، وخاصة الرواية، يعلمنا التعاطف ويناشد تعاطفنا، قائلة: كيف يمكننا أن نفهم دوافع الشخصيات الرئيسية؟ هنا لدينا فرصة فريدة للابتعاد عن أنفسنا، لنصبح شخصًا آخر لفترة من الوقت وننظر إلى العالم من خلال عيونهم.
وتابعت “توكارتشوك”، أن هذه التجربة النادرة تحررنا من عبء ذواتنا بطريقة آمنة للغاية، وأعتقد أنها قد تكون تجربة قيمة بشكل خاص للشباب في عملية النضوج ــ ولكنها تثرينا أيضاً من خلال إظهار أشياء لنا لم نكن لنتمكن من تجربتها بسبب الزمان والمكان. وعلى هذا فإن الأدب يبني نوعاً من المجتمع النفسي الدقيق الذي يتجاوز اللغة أو الثقافة، وكذلك جوازات السفر، وهو ناقل فعال للأفكار إلى الحد الذي قد يحسده عليه العظماء.
وحول مفهوما عن الصحة النفسية، أكدت صاحبة كتاب “رحلات” أنها تفهم الصحة على أنها حالة من الانسجام الداخلي والخارجي تفتح لنا المجال للشعور بالألفة مع العالم، وتأثيرات البيئة، والاتصال بالكائنات الحية الأخرى، بالمعنى العقلي والجسدي. بالمعنى الروحي، تعني توسيع وعي المرء، حتى على حساب المعاناة، مشيرة إلى أنه يجب أن نفهم الصحة العقلية بطريقة علائقية – ليس كحالة فردية، ولكن كقدرة على المشاركة في شبكة من التبادل والعطاء والأخذ.
حوار أولجا توكارتشوك على موقع نوبل
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.