اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:
نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “الأردن وإسرائيل: حلفاء أميركا المختلفون في المصالح ووجهات النظر”
الأردن وإسرائيل يرتبطان بتحالف مع أميركا ومصالحها في المنطقة، وهو تحالف يضرب بجذوره – على الجهة الأردنية – إلى زمن الإمبراطورية البريطانية والصعود الأميركي بعد إعلان أيزنهاور. أما إسرائيل فتعتبر رأس المشروع الأميركي الغربي في المنطقة، ولكن، رغم حقيقة وجود الأردن وإسرائيل في ذات التحالف مع أميركا والمنظومة الغربية، فإن الصراع الناعم بينهما على أشده رغم معاهدة السلام التي تربطهما منذ 1994.
(1) أين تختلف مصالح الأردن وإسرائيل؟
المصالح العليا للأردن تتعارض مع المشروع الإسرائيلي وحكومتها اليمينية، وهذا واضح من خلال برودة العلاقة بين البلدين التي وصلت إلى مرحلة القطيعة الصامتة في المرحلة الأخيرة. فالأردن يدرك أن المخططات اليمينية الإسرائيلية في فلسطين تهدد مصالحه العليا وأمنه القومي.
نزاع على الجغرافيا واختلاف حول الديمغرافيا
في الوقت الذي ينادي الأردن ويضغط في كل المحافل الدولية من أجل إقامة دولة فلسطينية على أراضي (الضفة الغربية بما فيها غور الأردن، وغزة) الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، فإن حكومات اليمين الإسرائيلي المتعاقبة ترفض فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، وتستمرّ في سياسة القضم لأراضي الدولة الفلسطينية وفرض واقع احتلالي جديد.
يسعى الأردن إلى الضغط الدولي لوقف مشاريع الاستيطان والتخلص من الكتل الاستيطانية المقامة في الضفة الغربية وغور الأردن، والتأكيد على عدم شرعية تلك المستوطنات التي لا يعترف بها المجتمع الدولي. وتلتهم حاليًا أكثر من 43% من أراضي الضفة ويقيم فيها أكثر من 727 ألف مستوطن إسرائيلي.
كما يسعى الأردن إلى إنهاء الكتل الاستيطانية في غور الأردن التي يسعى اليمين الإسرائيلي عبرها إلى التمهيد لضم غور الأردن الذي يبلغ طوله 120 كيلومترًا وعرضه من 5 إلى 25 كيلومترًا بمساحة تبلغ 2400 كيلومتر مربع إلى دولة إسرائيل، ويرفض الأردن هذا المخطط، فالغور الأردني يمثل 33% من المساحة الكلية للضفة الغربية، ويعتبر سلّة الغذاء للدولة الفلسطينية، كما أنه يمثل الحدود الطبيعية التي يمكن أن تصل الضفة الغربية بالأردن؛ لإقامة الاتحاد الفدرالي أو الكونفدرالي مع الأردن بعد إعلان الدولة الفلسطينية، واعتراف المجتمع الدولي بها.
على صعيد الديمغرافيا، يعارض الأردن فكرة يهودية الدولة الإسرائيلية التي تم إقرارها بأغلبية أعضاء الكنيست الإسرائيلي في عام 2018، والتي تمثل التمهيد الأوّلي للتخلص من الوجود الديمغرافي العربي في الداخل الإسرائيلي، والذين يبلغ عددهم أكثر من 2 مليون و89 ألف فلسطيني.
يرفض الأردن السعي الإسرائيلي الدائم لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية، والذين يبلغ عددهم ما يقارب 3.5 ملايين نسمة، إلى الأردن باعتبار أن الدولة الفلسطينية، من وجهة نظر اليمين الإسرائيلي، يجب أن تقام على الأراضي الأردنية وليس على الضفة الغربية وغزة، أو السعي لتهجير أهل الضفة إلى غرب العراق، أو تسهيل التهجير الطوعي لهم إلى الغرب.
كما عارض الأردن مشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والبالغ عددهم 2 مليون و200 ألف فلسطيني، وهو المشروع الذي سعت إليه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في العام الماضي، واعتبرتها فرصة لتغيير الواقع الديمغرافي على الأرض بعد الضوء الأخضر الأميركي الغربي الذي حصلت عليه إسرائيل في أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
بيدَ أن الموقف الرسمي الأردني، بدعم من الموقف العربي، استطاع أن يفشل الخطة، ويمنع تهجير الفلسطينيين خارج غزة، مما دفع إسرائيل إلى ارتكاب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، لتصبح الحرب على غزة أبشع إبادة جماعية عرفها العالم في القرن الواحد والعشرين.
(2) توسيع نطاق الحرب
في الوقت الذي تسعى فيه حكومة الحرب اليمينية الإسرائيلية إلى توسيع دائرة الحرب في المنطقة؛ لمحاولة فرض واقع جديد على الأرض بتبديل الخرائط في الضفة الغربية، وغزة، والجنوب اللبناني، ومحاولة التخلص من المشروع النووي الإيراني. حرب تكون فيها اليد العليا للكيان الصهيوني، مستغلةً الدعم الغربي اللامحدود لها بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بما يمكنها من تحقيق كل أهدافها، وترسيخ نفسها كقوة أولى في المنطقة.
بينما تسعى إيران إلى توسيع الحرب بشكل محدود في الإقليم والتي تريدها عبر وكلائها وبعيدًا عن أراضيها، لفرض واقع جديد يساعدها على تقوية أوراق التفاوض في يدها بما يعزز نفوذها في المنطقة، وكل ذلك على حساب الدول العربية وأمنها واستقرارها ومصالح القضية الفلسطينية.
يرى الأردن أن الخاسر الأكبر من توسيع نطاق الحرب هو الدول العربية، وإلحاق أذى أكبر بالقضية الفلسطينية، وتضييع كل المكاسب السياسية والتعاطف الدولي مع الشعب الفلسطيني الذي خلفته الإبادة الجماعية في غزة، والذي يمكن ترجمته إلى مكاسب سياسية تدفع بالقضية الفلسطينية خارج حالة الركود التي مرت بها على مدار أكثر من ربع قرن.
ويسعى الأردن إلى إحياء فكرة إقامة الدولة الفلسطينية التي تعثرت، نتيجة تعاقب الحكومات اليمينية الإسرائيلية على حكم إسرائيل، وتلاشي اليسار الإسرائيلي، وعدم جدية الولايات المتحدة في إنهاء هذا الصراع، إذ تتعامل معه بعقلية إدارة الصراع لا حلّه.
ومع إدراك الأردن أن الدعاوى الأميركية لعدم توسيع نطاق الحرب ليست حقيقية وجادة، يرى أن أميركا ترغب بتوسيع نطاق الحرب بشكل محدود ومسيطر عليه، بما يعزز نفوذ الكيان الصهيوني دون اندلاع مواجهات واسعة وشاملة في المنطقة تشغلها عن صراعها مع روسيا في الملف الأوكراني، وصراعها مع الصين على ملف الصدارة الاقتصادية.
(3) كيف سيتصرف الأردن؟
يبدو الأردن في أفضل حالاته الداخلية في مواجهة الخطط الصهيونية الساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الدولة الأردنية، وفرض واقع جديد. فقد استطاع إنجاز حزمة من الإصلاحات السياسية، تمخضت عن ميلاد برلمان بمسحة سياسية جديدة، إذ استطاع التيار الإسلامي أن يستحوذ على 23% من مقاعد المجلس.
ويبدو أن المجلس سيكون أكثر صلابة في مواجهة المشروع الصهيوني تجاه الأردن عند انعقاده في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ سيكون له الدور الأكبر في عرقلة الاتفاقيات الاقتصادية التي شرعت بها الحكومة الأردنية قبل أحداث أكتوبر/ تشرين الأول مع الكيان الصهيوني.
كما أن انحياز البرلمان الأردني للقضية الفلسطينية ودعمها، سيمنح الموقف الرسمي القوة والصلابة في مقاومة أي ضغوط تؤثر على القضية الفلسطينية في المستقبل، خاصة إذا وصل ترامب للبيت الأبيض.
يترقب الأردن الانتخابات الأميركية بعين الحذر، إذ تعني عودة ترامب بالنسبة للأردن عودة مشروع صفقة القرن، الذي وقف الأردن بوجهه. كما أن عودة ترامب ستمنح اليمين الإسرائيلي دفعة قوية لمحاولة التوسع الجغرافي، والتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية، حيث عاش اليمين الإسرائيلي أفضل ظروفه ومكتسباته بعد صعود ترامب، الذي تماهى مع المشروع الصهيوني إلى الحد الذي لم يتوقعه الكيان نفسه. فقد كان ترامب الرئيس الأميركي الذي وقّع على نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
قد لا يبدو أن الأردن يملك خيارات كثيرة في مواجهة أطماع الحكومة اليمينية الصهيونية، إلا أنه يحاول أن يتحرك ضمن حدود المتاح. فالأردن يعلم الفرق بين الرغبة في إقامة دولة فلسطينية، والقدرة والظروف الإقليمية والأوراق المتاحة التي تسمح بذلك. إلا أن الأردن الرسمي يتحرك ضمن المتاح سياسيًا.
يفرق الأردن بين الأوضاع القانونية في فلسطين المحتلة، ففي الوقت الذي يدعم فيه حقوق المواطنة للمكوّن العربي في الأراضي التي احتلت في عام 1948 وأصبحت جزءًا من دولة إسرائيل، يسعى الأردن إلى دعم حقوق المكوّن العربي الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية كمواطنين من الدرجة الأولى، ومحاربة أعمال الفصل العنصري في الداخل الفلسطيني.
أما في الضفة الغربية وغور الأردن، فيسعى الأردن إلى حشد الموقف الدولي من أجل وقف الاستيطان، الذي يحاول فرض أمر واقع على الأرض، ويعمل على وقف الحرب في غزة، وإعادة الأوضاع إلى ما قبل عام 2007، وإعادة غزة تحت سيطرة وإدارة السلطة الفلسطينية، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية.
يعمل الأردن على قطع الطريق أمام كل محاولات توفير الظروف الحاضنة للهجرة القسرية، بمنع الطعام والماء والدواء وانعدام الأمن، الأمر الذي قد يدفع الناس إلى الهجرة القسرية. إذ إن غريزة الإنسان الفطرية نحو البقاء تدفعه للبحث عن البيئات الآمنة التي توفر له الطعام والشراب والعلاج والمأوى.
ولذلك انصبّت كل الجهود الأردنية على السعي لتوفير الخدمات الطبية من خلال المستشفيات العسكرية الميدانية للقوات المسلحة الأردنية، البالغ عددها خمسة مستشفيات، منها ثلاثة في الضفة الغربية وواحد في شمال القطاع، وواحد جنوب قطاع غزة، والسعي في الوقت ذاته إلى رفع الحصار الخانق عن قطاع غزة، ووصول المساعدات إليه.
سيبقى الصراع الناعم بين حلفاء أميركا المختلفين على الجغرافيا والديمغرافيا في فلسطين، بينما تحاول إسرائيل التخلص من استحقاق إقامة دولة فلسطينية لتبتلع الأرض. في المقابل، يتمسك الأردن بكل الوسائل السياسية وضمن إمكاناته المتاحة من أجل إقامة هذه الدولة، التي يعتبرها مفتاح الحل وإنهاء الصراع في المنطقة من وجهة نظره الرسمية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
الجدير بالذكر أن خبر “الأردن وإسرائيل: حلفاء أميركا المختلفون في المصالح ووجهات النظر” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من في بي دبليو الشامل
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.